في كيفية شيوع العلم من حضرة الرسالة إلى زماننا هذا، وشيوع مذاهب المجتهدين لا سيما مذهب الإمام أبي حنيفة قال الكفوي(1) في طبقات الحنفية المسماة ب((كتائب أعلام الأخيار من فقهاء مذهب النعمان المختار)): اعلم أن نبينا - صلى الله عليه وسلم - بلغ ما أنزل إليه إلينا، وعلم الدين، وأحكم وأقام الحدود، وقضى وحكم، وبين الشرع، وفرع بيان الحكم، وجاهد حق الجهاد في إقامة أمر الدين، وأمضى وألزم.
ثم الخلفاء الراشدون، ووجوه الصاحبة بذلوا جهدهم في إقامة الدين، وإجراء الشرع المبين، وتعيين قواعد الموحدين، وتوهين كيد أعداء الله المبتدعين، فأقاموا الإسلام عن أوده وأسندوا الأمر إلى مستنده، معتصمين بنصر الله، صادعين بأمر الله، وكانوا بشرف صحبة الرسول - صلى الله عليه وسلم - سالمين عن الطعن، وببركة خدمته سالمين عن شوب الشين، فكانت آثرهم لمن بعدهم شرعة ومنهاجا، ولرفع غيهب الضلال سراجا وهاجا، وكذا أعلام التابعين الذين هم يزاحمونهم في الفتوى، ووافقوا لهم بغير خلاف، ونقلوا أحكام الدين منهم إلى الأخلاف، محيين سنن الأسلاف، حاوين مآثر الأشراف.
صفحة ١٥