الذين تكونت غالبية الشعب المصري منهم فكانوا أكثر القوى الاجتماعية التحتية تعريضا للمظالم والنهب والعبث من جانب الطبقة الأرستقراطية الإقطاعية الحاكمة فعاشوا في هذا العهد عيشة بائسة قانعين بما كتبت لهم الأقدار ورضوا بأن يظلوا ((فلاحين)) شعارهم الطاعة العمياء ولو أنهم في حالات قليلة كانوا يضطرون للثورة على السلطات الحاكمة الغاشمة وكان كل مبتغاهم من الله أن يروا النيل الأزرق حتى ينبت الزرع ويعيشوا في هدوء وأمان ومن ثم فقد انكبوا على الأرض يزرعونها ويفلحونها ويقدمون خيراتها إلى بكوات المماليك وغيرهم من الطبقة العثمانية الممتازة ذات النفوذ القوي والمكانة العتيدة (¬1).
وقد صور لنا الدكتور السيد رجب حراز حال الفلاح في ذلك والوقت نقلا عن كتاب الرحالة "فولني" حيث قال: ((الفلاحون آلات مأجورة لا يترك لهم للمعاش إلا ما يقيهم من الموت وما يحصدونه من أرز وحنطة ويذهب إلى موائد أسياده ويحتفظون بالذرة لكي يصنعوا منها خبزا بلا خمير وهو لا طعم له إذا كان باردا أما مساكنهم فأكوام ترابية يضيق الصدر من قيظها أضف إلى هذه الأدواء الجسدية ما ينتابهم من خوف الغزو والنهب وزيارة المماليك ومشاغل الحرب الأهلية المستديمة هذه هي صور تطبق على كل القرى)) (¬2).
صفحة ٨١