وأما القياس: فبإجماع الصحابة- رضي الله عنهم - عليه، كما قدمناه هذه أصول الأدلة.
ثم إن المنقول من السنة محتاج إلى تصحيح الخبر بالنظر في طرق النقل وعدالة الناقلين لتتميز الحالة المحصلة للظن بصدقه الذي هو مناط وجوب العمل، وهذه أيضا من قواد الفن ويلحق بذلك عند التعارض بين الخبرين وطلب المتقدم منهما معرفة الناسخ والمنسوخ وهي من فصوله أيضا وأبوابه ثم بعد ذلك يتعين النظر في دلالة الألفاظ وذلك أن استفادة المعاني على الإطلاق من تراكيب الكلام على الإطلاق يتوقف على معرفة الدلالات الو صفية مفردة ومركبة والقوانين اللسانية في ذلك هي علوم النحو والتصريف والبيان. وحين كان الكلام ملكة لأهله لم تكن هذه علوما ولا قوانين ولم يكن الفقه حينئذ يحتاج إليها لأنها جبلة وملكة فلما فسدت الملكة في لسان العرب قيدها الجهابذة المتجردون لذلك بنقل صحيح ومقاييس مستنبطة صحيحة وصارت علوما يحتاج إليها الفقه في معرفة أحكام الله تعالى)) (¬1).
وفي أول القرن الثاني إلى منتصف القرن الرابع الهجري وهو الدور الذهبي للاجتهاد لمعت في الأفق مذاهب جديدة يميزها عن غيرها خاصة التدوين فدونت آراؤهم وقلدت أيضا ومنهم الإمام أبو حنيفة والإمام مالك بن أنس والإمام الشافعي والإمام أحمد بن حنبل - رضي الله عنهم -.
صفحة ٢٥