إِلَّا أَنْ تُمْكِنَهُ الْجُمُعَةُ فِي طَرِيقِهِ أَوْ يَتَضَرَّرَ بِتَخَلُّفِهِ عَنِ الرُّفْقَةِ، لانتفائه في الأُولى، والتضرر في الثانية، وَقَبْلَ الزَّوَالِ كَبَعْدِهِ فِي الْجَدِيدِ، لأن الجمعة مضافة إلى اليوم، ولهذا يجب السعي على بعيد الدَّار قبل الوقت، والقديم ونصَّ عليه في حرملةَ أيضًا: أنه لا يَحْرم إذا لم يدخل وقت الوجوب، وهو الزوال؛ كما إذا باع النصاب قبل تمام الحول، إِنْ كَان سَفَرًا مُبَاحًا، أي على الجديد ومقابله في السفر المباح،
وَإِنْ كَانَ طَاعَةً، أي واجبة أو مستحبة، جَازَ، أى قطعًا. قُلْتُ: الأًصَحُّ أَنَّ الطَّاعَةَ كَالْمُبَاحِ، وَالله أَعْلَمُ، أي فيجري الخلاف فيه، أما بعد الزوال فيمنع منهما، وإن كان وقع في الْمُحَرَّرِ ما يوهم إجراء الخلاف فيه أيضًا.
وَمَنْ لاَ جُمُعَةَ عَلَيهِمْ؛ تُسَنُّ الْجَمَاعَةُ فِي ظُهْرِهِمْ فِي الأَصَحِّ، لعموم الترغيبات الواردة في الجماعة، والثاني: لا، لأن الجماعة في هذا اليوم شعار الجمعة والخلاف في المعذورين في البلد، أما لو كانوا في غيرها فالجماعة تستحب في ظهرهم إِجماعًا، وَيُخْفُونَهَا إِنْ خَفِيَ عُذْرُهُمْ، لئلا يتهموا في الدِّيْنِ وينسبوا إلى ترك الجماعة بها، فإن كان العذر ظاهرًا فلا يستحب الإخفاء لانتفاء التهمة حينئذ.
وَيُنْدَبُ لِمَنْ أَمْكَنَ زَوَالُ عُذْرِهِ، أي كالعيد يرجو العتق، والمريض يتوقع الخفة، تَأْخِيرُ ظُهْرِهِ إِلَى الْيَأْسِ مِنَ الْجُمُعَةِ، لاحتمال تمكنه منها، ويحصل اليأس برفع الإمام رأسَهُ من الركوع الثاني على الصحيح، وَلِغَيْرِهِ كَالْمَرْأَةِ وَالزَّمِنِ تَعْجِيلُهَا، محافظة على فضيلة أوَّل الوقت.
وَلِصِحَّتِهَا مَعَ شَرْطِ غَيْرِهَا شُرُوطٌ: • أَحَدُهَا: وَقْتُ الظُّهْرِ، لأنهما فَرْضَا وقتٍ واحدٍ فلم يختلف وقتهما كصلاة الحضر وصلاة السفر، وادعى ابن التلمساني في كلامه على مطالبة الإِمام بالكفارة والنذر: أنه لا خلاف أن للإمام تعيين وقت إقامة الجمعة، وإن كان موسَّعًا وهو غريبًا (٦٦٢)، فَلاَ تُقْضَى جُمُعَةً، أى بل ظهرًا
(٦٦٢) عن أنس بن مالك ﵁: (أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يُصَلِّي الْجُمُعَةَ حِيْنَ تَمِيْلُ الشَّمْسُ) رواه البخاري في الصحيح: كتاب الجمعة: باب وقت الجمعة: الحديث (٩٠٤). وفي =
1 / 359