الثانية: فلأن شرط صحتها تقديم الأُولى، أَوْ مِنَ الثَّانِيَةِ، فَإِنْ لَمْ يَطُلْ تَدَارَكَ، أي ومَضَتِ الصلاتان على الصحة، وِإلَّا فَبَاطِلَةٌ وَلاَ جَمْعَ، لوقوع الفصل الطويل بالصلاة الثانية فيعيدها في وقتها، وَلَوْ جَهِلَ، أي كون الركن المتروك من أيهما، أَعَادَهُمَا لِوَقْتَيْهِمَا، لاحتمال الترك من الأُولى، ولا يجوز الجمع لاحتمال تركه من الثانية.
وَإِذَا أَخَّرَ الأُوْلَى لَمْ يَجِبِ التَّرْتِيبُ وَالْمُوَالاَةُ وَنِيَّةُ الْجَمْعِ، أي عند الشروع في الصلاة، عَلَى الصَّحِيحِ، لَأن الوقت لها، والأُولى تبع وهي بخروج وقتها تشبه الفائتة، والثاني: يجب جميع ذلك كما لو سمع بالتقديم، ووقع في الْمُحَرَّرِ الجزم بوجوب نية الجمع، وهو غلط وتبعه فيه الحاوي الصغير، وَيَجِبُ كَوْنُ التَّأْخِيرِ بِنِيَّةِ الْجَمْعِ وَإلَّا فَيَعْصِي وَتَكُونُ قَضَاءَ، لأن التأخير قد يكون معصية كالتأخير لغير الجمع وقد يكون مباحًا كالتأخير له فلابد من نية تميز بينهما، والأصح أنه إن نوى؛ وقد بقي من الوقت ما يسع ركعة؛ كفى، أو دونها فلا، كما اقتضاه كلامه في الروضة تبعًا للرافعي، وخالف في شرح المهذب، فاعتبر قدر الصلاة.
وَلَوْ جَمَعَ تَقْدِيمًا فَصَارَ بَيْنَ الصَّلاَتَيْنِ مُقِيمًا بَطَلَ الْجَمْعُ، أي فتعين تأخير الثانية إلى وقتها لزوال العذر، وَفِي الثَّانِيَةِ وَبَعْدَهَا لاَ يَبْطُلُ فِي الأَصَحِّ، صيانة لها عن البطلان بعد الانعقاد، والثاني: تبطل كما يمتنع القصر بالإقامة في أثنائها، والأول فرق بأن القصر ينافي الإقامة بخلاف الجمع، أَوْ تَأْخِيرًا فَأَقَامَ بَعْدَ فَرَاغِهِمَا لَمْ يُؤَثَّرْ، وَقَبْلَهُ يَجْعَلُ الأُوْلَى قَضَاءً، قال الرافعي: وكأَنَّ المعنى فيه أن الصلاة الأُولى تبع للثانية عند التأخير فاعتبر وجود سبب الجمع في جميعها، وهذا إذا كانت الإقامة في أثناء الأُولى، فإن كانت في أثناء الثانية، قال في شرح المهذب: ينبغي أن تكون الأُولى أداء قطعًا.
فَصْلٌ: وَيَجُوزُ الْجَمْعُ بِالْمَطَرِ، لأنه ﷺ صلّى بالمدينة سبعًا جميعًا، وثمانيًا جميعًا
الظهر والعصر، والمغرب والعشاء متفق عليه (٦٥٦) في رواية لمسلم: [مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ
(٦٥٦) لحديث ابن عباس ﵄: [أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ صَلَّى بِالْمَدِيْنَةِ سَبْعًا وَثَمَانِيًا؛ الظُّهْرَ =
1 / 354