العدة في شرح العمدة في أحاديث الأحكام لابن العطار
الناشر
دار البشائر الإسلامية للطباعة والنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٧ هـ - ٢٠٠٦ م
مكان النشر
بيروت - لبنان
تصانيف
وتقدم أبو هريرة، وسيأتي ذكر عائشةَ ﵂ إن شاء الله تعالى.
وهذا الحديث أخرجه البخاري ومسلم من حديث يوسف بن ماهك بنحوِه عن عبد الله بن عَمرو.
قوله ﷺ: "وَيْلٌ": هو الحزن والهلاك والمشقة من العذاب (١)، ومعناه هنا: هلاك وخيبة، والأَعْقَاب: جمع عَقِب؛ وهي مؤخر القدم، وهي -مؤنثة، وتُسَكَّنُ القافُ وتُكْسَرُ- (٢)، وتخصيصه ﷺ الأَعْقَابَ بالعقاب بالنار؛ لأنَّها التي لم تغسل غالبًا، وقيل: أراد صاحب الأعقاب، فحذف المضاف؛ لأَنَّهم كانوا لا يستقصون غسلَ أرجلهم في الوضوء.
وهذا الحديث ورد على سَبب، وهو أنه ﷺ رأى قومًا وأعقابُهم تلوحُ.
الألف واللام في "الأعقاب" يحتمل أَنْ تكونَ للعهد، فيختص الذكر بتلك الأقدام المرئية التي لم يَمسَّها الماء، ويحتمل أَنْ تكونَ للجنس، فلا يختص بها، بل الأعقاب التي هذه صفتها لا تعم بالطهر، ولا يجوز أَنْ تكون للعموم المطلق في كل الأقدام ومسحها، بل يكون العموم المطلق فيها مرادًا بالتضمين بالتنبيه بالأدنى على الأعلى.
وطرق الحديث، وجمع ألفاظه يفسر بعضه بعضًا.
وقد استدل به: على أَنَّ العقب في الرِّجْل محلٌّ للتطهير بالغَسْل؛ للتوعُّد بالنَّار على تركه، عند رؤيته يلوح من غير غسل.
وقال ﷺ في بعض طرقه: "أَسْبِغُوا الوُضُوء" (٣).
وقد أخرج أبو داود وغيره، بأسانيدهم الصَّحيحة؛ من حديث عمرو بن
_________
= (٤/ ١٩٢)، و"تهذيب التهذيب" له أيضًا (٥/ ٢٩٤).
(١) انظر: "النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير (٥/ ٢٣٥)، و"القاموس" للفيروز أبادي (ص: ١٣٨٢).
(٢) انظر: "مشارق الأنوار" للقاضي عياض (٢/ ٩٩)، و"النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير (٣/ ٢٦٩)، و"لسان العرب" لابن منظور (١/ ٦١١).
(٣) كما في حديث أبي هريرة ﵁ المتقدم تخريجه عند البخاري ومسلم.
1 / 58