العباب الزاخر

الصغاني ت. 650 هجري
96
والخميس: الجيش؛ لأنّه خمس فرق: المقدَّمة والقلب والميمنة والميسرة والسّاقَة. ومنه ما رَوى أنس بن مالك؟ ﵁: أن النبي؟ ﷺ صَبَّح خيبر يوم الخميس بُكرَةً، فجاء وقد فَتَحوا الحِصْنَ وخرجوا منه معهم المَسَاحيُّ، فلمّا رأوه حالوا إلى الحصن وقالوا: محمد والخميس محمد والخميس، فقال النبي ﷺ: الله أكبر خَرِبَت خَيبر، إنّا إذا نَزَلْنا بِسَاحَةِ قومٍ فَسَاءَ صباح المُنْذَرين. قال: قد نضرِبُ الجيش الخميس الأزورا ... حتى نرى زَويرَه مُجَوَّرا الزَّوِيْر: الزعيم؛ فجعله صفة. والخميس؟ أيضًا -: الثوب الذي طوله خمس أذرع. ومنه حديث مُعاذ بن جبل ﵁: ائتوني بخميس أو لَبيس آخذه منكم في الصَّدَقة فانَّه أيسرُ عليكم وأنفع للمهاجرين بالمدينة. كأنَّه يَعني القصير من الثياب. وقال ابن عبّاد: يقال ما أدري أيُّ خميسِ الناسِ هو: أي أيُّ جماعةِ النّاسِ هو. وقد سَمَّوا خميسًا. والخِمْس - بالكسر -: من إظماء الإبل: هو أن ترعى ثلاثةَ أيّامٍ وتَرِدَ اليوم الرابع، قال العجّاج يَصِفُ بعيرًا: كأنّه من بعدِ طولِ العَفْسِ ... ورَمَلانِ الخِمْسِ بَعْدَ الخِمْسِ والسِّدْسِ أحيانًا وفوق السِّدْسِ ... يُنْحَتُ من أقطارِهِ بفأسِ وهي إبلٌ خَوَامِس. وأما قول شبيب بن عَوَانة: عَقيلَةُ دَلاّهُ لِلَحْدِ ضَريحِهِ ... وأثوابُهُ يَحْمِلْنَ والخِمْسُ مائحُ فعقيلة والخِمْس: رجُلان. والخِمْس - أيضًا -: ضَرْبٌ من بُرُود اليمن، قال أبو عمرو: أوَّلُ من عُمِلَ له ملكُ من ملوك اليَمَن يقال له الخِمْس فنُسِبَ إليه، قال الأعشى يصف الأرض: يومًا تراها كَشِبه أرْدِيَة ال ... خِمْسِ ويومًا أدِيْمَها نَغِلا وفَلاةُ خِمْس: إذا انتاط ماؤها حتى يكون وِرْدُ النَّعَمِ اليومَ الرَابع سِوى اليومَ الذي شَرِبتَ فيه وصَدَرْتَ فيه. ويقال: هُما في بُرْدَةِ أخْماسٍ: إذا تقاربا واجتمَعا واصطَلَحا، وأنْشَدَ ابنُ السكِّيت: صَيَّرَني جُودُ يديهِ ومَنْ ... أهْواهُ في بُرْدَةِ أخْماسِ كأنَّه اشترى له جارِية أو ساقَ مهرَ امرأتِهِ عنه. وقال ابن الأعرابي: يقال هما في بَرْدَةِ أخماسٍ: إذا كانا يفعلان فِعلًا واحِدًا يشتبهان فيه كأنَّهُما في ثوبٍ واحِدٍ. وقولَهُم: فلان يضرِب أخماسًا لأسداس: أي يسعى في المَكْرِ والخديعة، وأصله من إظماء الإبل، وذلك أنَّ الرجل إذا أراد سفرًا بعيدًا عَوَّدَ إبِلَهُ أن تشرَبَ خِمسًا ثم سِدسًا، حتى إذا أخذت في السير صَبَرَت عن الماء. وضَرَبَ: بمعنى بيَّنَ وأظهَرَ، كقوله ﷿:) ضَرَبَ اللهُ مَثَلًا (، والمعنى: أظهَرَ أخماسًا لأجل أسداسٍ، أي رَقّى إبِلَهُ من الخِمْسِ إلى الِّدْسِ، يُضرَب لِمَن يُظهِر شيئًا ويريد غيره، وأنشد ثعلب: الله يعلمُ لولا أنَّني فَرِقٌ ... من الأمير لعاتَبْتُ ابن نِبراسِ في موعِدٍ قالَهُ لي ثُمَّ أخلَفَني ... غدًا غدًا ضَرْبُ أخماسٍ لأسداسِ وقال الكُمَيت: وعَطَّفَتِ الضِّبابَ أكُفُّ قومٍ ... على فُتْخِ الضفادعِ مُرْئمِينْا وذلك ضَرْبُ أخماسٍ أُريدَت ... لأسداسٍ عسى ألاّ تكونا وقيل في أبي موسى الأشعري ﵁ أيّامَ الحَكَمَيْنِ حين كان من أمرِه ما كان: لو كان للقوم رأيٌ يُعْصَمونَ بَهِ ... عند الأمور رَمَوْهُم بابنِ عَبّاسِ لكن رَمَوْهُم بِشَيخٍ من ذوي يَمَنِ ... لا يَضْرِبُ الأمْرَ أخماسًا لأسْداسِ وقال سابق البربري: أذاكِرُ أنت عهد الحيِّ أم ناسِ ... وليس للصبرِ عند الحُبِّ من باسِ إذا أراد امرؤٌ هَجْرًا جنى عِلَلًا ... وظلَّ يضرِبُ أخماسًا لأسداسِ وقال الكُمَيْتُ يمدح مَسْلَمَة بن هِشام: ألَستُم أيْقَظَ الأقوامِ أفئدةً ... وأضْرَبَ الناس أخماسًا لأعشارِ

1 / 96