التربية الإبداعية في منظور التربية الإسلامية
الناشر
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
رقم الإصدار
العدد ١١٦،السنة ٣٤
سنة النشر
١٤٢٢هـ/٢٠٠٢م
تصانيف
٣- الإبداع المهني:
إن الإبداع المهني لا يعتمد على الخبرة والمهارة اليدوية فقط، بل لا بد من وجود عامل الذكاء، والتفكير والتطلع إلى التحسين والإصلاح والتطوير.
والتربية الإسلامية لا تعارض ذلك بل تحفز العقول على الابتكار والإبداع في المجال العملي والمهني١ ومن الشواهد على ذلك:
كان الرسول ﷺ يوم الجمعة يخطب إلى جذع في المسجد قائما، فقال: إن القيام قد شق عليّ، فقال له تميم الداري: ألا أعمل لك منبرا، كما رأيت يُصنع بالشام؟ فشاور رسول الله ﷺ المسلمين في ذلك، فرأوا أن يتخذه، فقال العباس بن عبد المطلب: إن لي غلاما يقال له كلاب، أعملُ الناس، فقال رسول الله ﷺ: مره أن يعمله، فأرسله إلى أثلة بالغابة فقطعها، ثم عمل منها درجتين ومقعدًا٢ فظهر الإبداع المشوري من تميم الداري بصنع منبر، ثم ظهر الإبداع المهني من غلام العباس بن عبد المطلب، حيث كان أعملُ الناس، فأخذ ﷺ من كل شخص ما يُحسن ويُجيد فيه من مشورة وصنعة، وفي هذا تشجيع منه ﷺ، وتأييد للأعمال الإبداعية المفيدة.
وهذا يرسم للمؤسسات التعليمية قواعد تربوية في المجال المهني، ويؤكد لها أهمية العناية بالدروس المهنية النافعة التي تستثمر العقول، وتزيل حواجز الخجل من الأعمال والصنائع التي يعرض ويعزف عنها كثير ممن لم يرتق في السلم التعليمي.
_________
١ عبد الحميد الصيد الزنتاني، أسس التربية الإسلامية في السنة النبوية، ص ٤٢٤.
٢ ابن سعد، الطبقات الكبرى ١/٢٤٩-٢٥٠.
1 / 427