137

استدراكات السمين الحلبي على ابن عطية

تصانيف

٣. بإثبات صحتها من الناحية النحوية (^١).
ثالثًا: حكم هذه القراءة:
الصواب أن قراءة ابن عامر صحيحة نقلًا ولغة -كما قال السمين-، والراجح جواز الفصل بين المتضايفين بالمفعول؛ لوجوده في هذه القراءة المتواترة المنسوبة إلى العربي المحض ابن عامر، الذي أخذ القرآن عن الصحابة قبل أن يظهر اللحن في اللسان العربي (^٢).
وقراءة ابن عامر مؤيدة بقراءة أخرى؛ فقد قرأ بعض السلف (^٣): ﴿فلا تحسبنَ الله مخلفَ وعدَه رسلِه﴾ [إبراهيم: ٤٧] بنصب (وعدَه) وخفض (رسلِه). (^٤)
وقد جاء ذلك في كلام العرب شعرًا (^٥) ونثرًا (^٦)، ومن الشواهد الدالة على صحة ما جاء في قراءة ابن عامر:

(^١) ينظر: الدر المصون (٥: ١٦١ - ١٧٨).
(^٢) ينظر: تفسير أبي حيان (٤: ٦٥٧)، النشر، لابن الجزري (٢: ٢٦٣).
(^٣) قرأ الجمهور: ﴿مخلف وعدِه رسلَه﴾ بإضافة مخلف إلى وعده ونصب رسله، وقرأ جماعة (مخلف وعدَه رسلِه) بنصب وعده وجر رسله، ولم ينسبها أهل التفسير والقراءات لقارئ معين. ينظر: تفسير الزمخشري (٢: ٥٦٦)، تفسير ابن عطية (٣: ٣٤٦)، تفسير أبي حيان (٦: ٤٥٦)، النشر، لابن الجزري (٢: ٢٦٥)، فتح القدير، للشوكاني (٣: ١٤٢).
(^٤) ينظر: إبراز المعاني، لأبي شامة (١: ٤٦٤)، النشر، لابن الجزري (٢: ٢٦٥)، الإتحاف، للدمياطي (ص: ٢٧٤).
(^٥) كما في بيت الطرماح وأبي حية النميري السابق ذكرهما، وكما في البيت الذي أنشده بعض العلماء دون نسبة: نرى أسهمًا للموت تُصْمي ولا تُنْمي ... ولا تَرْعوي عن نقضِ أهواؤنا العزمِ؛ الشاهد: "نقض أهواؤنا العزم" حيث فصل بين المضاف وهو "نقض" وبين المضاف إليه وهو "العزم" مع أن الفاعل متعلق بالمضاف، والتقدير: عن نقض العزم أهواؤنا. ينظر: توضيح المقاصد والمسالك بشرح ألفية ابن مالك، للمرادي (٢: ٨٣٠)، الدر المصون، للسمين الحلبي (٥: ١٧٣).
(^٦) في ثنايا الدراسة ذكرٌ لبعض الأقوال التي نقلت عن العرب وفيها فصل بين المضاف والمضاف إليه بالظرف وبغيره.

1 / 137