تصويبات في فهم بعض الآيات
الناشر
دار القلم
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٠٧ هـ - ١٩٨٧ م
مكان النشر
دمشق
تصانيف
من هذه الروايات يظهر أن ابن عمر ﵄ فهم من الآية جواز إتيان الرجل لزوجته في دبرها، وفهم من الآية إباحة كل صور الاستمتاع بها، وأخذ الإطلاق من قوله: ﴿فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ﴾.
وقد أخطأ ابن عمر في فهمه من الآية، وفي قوله هذا، الذي أجمع الصحابة على نقضه ورده.
وقد وقف ابن عباس ﵄ يصوِّب لابن عمر فهمه، ويستدرك عليه قوله، ويصحح له خطأه.
روى أبو داود عن ابن عباس ﵄ قال: إن ابن عمر - والله يغفر له - أوهم، وفي رواية وهم (أي أخطأ في قوله واستنتاجه من الآية)، إنما كان هذا الحي من الأنصار -وهم أهل وثن- مع هذا الحي من يهود -وهم أهل كتاب- فكانوا يرون أن لهم فضلًا عليهم في العلم، فكانوا يقتدون بكثيرٍ من فعلهم.
وكان من أمر أهل الكتاب: أن لا يأتوا النساء إلا على حَرف (أي على جانب) وذلك أستر ما تكون المرأة، فكان هذا الحي من الأنصار قد أخذوا بذلك من فعلهم. وكان هذا الحي من قريش يشرحون النساء شرحًا منكرًا، ويتلذذون منهن، مقبلات ومدبرات ومستلقيات.
فلما قدم المهاجرن المدينة، تزوج رجل منهم امرأة من الأنصار، فذهب يصنع بها ذلك، فأنكرته عليه. وقالت: إنا كنا نُؤْتى على حرف، فاصنع ذلك، وإلا فاجتنبني، حتى شَرى أمرهما (أي تفاقم وعظم الخلاف بينهما)، فبلغ ذلك رسول الله ﷺ، فأنزل الله ﷿: ﴿نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ﴾ أي: مقبلات ومدبرات ومستلقيات. يعني بذلك: موضع الولد.
1 / 53