تصويبات في فهم بعض الآيات
الناشر
دار القلم
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٠٧ هـ - ١٩٨٧ م
مكان النشر
دمشق
تصانيف
الرسول ﷺ يوضح المراد بالظلم في سورة الأنعام
روى البخاري ومسلم والترمذي عن عبد الله بن مسعود ﵁ قال: لما نزلت: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ﴾ شق ذلك على المسلمين وقالوا: أَيُّنا لا يظلم نفسه؟ فقال رسول الله ﷺ: ليس ذلك، إنما هو الشرك. ألم تسمعوا قول لقمان لابنه: ﴿يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾.
فالصحابة عليهم الرضوان حملوا الظلم في الآية على المعاصي والذنوب، وكانوا يعلمون أنهم غير معصومين منها، ولهذا قالوا: أينا لا يظلم نفسه؟ يعني أينا لا يذنب ولا يعصي؟ إذن فجميعنا هالكون، لا أمن لنا ولا أمان ولا اطمئنان، ولا نجاة من العذاب.
وهذا يدل على نظرتهم للقرآن وتلقِّيهم لآياته وتفاعلهم الحي معها، وتطبيقهم لمعانيها والتزامهم بها، وتحرجهم من أي تقصير، وخوفهم من أي ذنب، ورغبتهم العملية في أن يبقوا مع الحق والخير والعمل الصالح.
والرسول ﵊ صحَّح لهم خطأهم في النظر للآية، وصوب لهم فهمهم لمعناها، ووضَّح لهم المراد بالظلم فيها، وبيَّن لهم أنه ليس الذنب والمعصية والتقصير، وإنما هو الشرك بالله. وطالما أنهم موحدون
1 / 41