تصويبات في فهم بعض الآيات
الناشر
دار القلم
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٠٧ هـ - ١٩٨٧ م
مكان النشر
دمشق
تصانيف
فقوله: ﴿وَتَقَلُّبَكَ في الساجِدِين﴾ قال فيه بعض أهل العلم، وتقلبك في أصلاب آبائك الساجدين، أي المؤمنين باللهِ كآدم ونوح وإبراهيم وإسماعيل ﵈.
واستدل بعضهم لهذا القول فيمن بعد إبراهيم ﵇ من آبائه، بقوله تعالى عن إبراهيم ﵇: ﴿وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ﴾ وممن رُوي عنه هذا ابن عباس.
وفي الآية قرينة تدل على عدم صحة هذا القول، وهي قوله تعالى قبله مقترنًا به: ﴿الذي يَراكَ حينَ تَقوم﴾ فإنه لم يقصد به أنه يقوم في أصلاب الرجال إجماعًا. وأول الآية مرتبطٌ بآخرها: أي الذي يراك حين تقوم إلى صلاتك، وحين تقوم من فراشك ومجلسك. ويرى تقلبك في الساجدين على أظهر الأقوال، لأنه ﷺ، يتقلب في المصلين قائمًا وساجدًا وراكعًا.
وقال بعضهم: الذي يراك حين تقوم إلى الصلاة وحدك، وتقلبك في الساجدين، أي المصلين على أظهر الأقوال، إذا صليت بالناس ".
هذه الآيات إذن لا تتحدث عن أجداد الرسول ﵇، ولا تقرر أنهم جميعًا كانوا ساجدين لله، بل عندنا آياتٌ صريحة وأحاديث صحيحة، أنهم ليسوا جميعًا كانوا ساجدين لله. وما يمكن أن نأخذه من الآيات هو وجوب توكل الرسول ﵊ على ربه، واعتناء الله برسوله وحفظه له، وعبادة الرسول ﵇ المستمرة التي استوعبت له حياته، وأن الله يراه عندما يصلي وحده، وعندما يصلي مع المسلمين الساجدين.
***
1 / 248