كوبرنيكوس وداروين وفرويد: ثورات في تاريخ وفلسفة العلم

فريدل فاينرت ت. 1450 هجري
106

كوبرنيكوس وداروين وفرويد: ثورات في تاريخ وفلسفة العلم

تصانيف

القرد والإنسان شكلان متماثلان تطورا على نحو متباين من الأصل نفسه. («الإنسان»، دير مينش (1870

2 )، 107؛ ترجمة المؤلف) (1) داروين وكوبرنيكوس

يبدو داروين في نظري بمنزلة كوبرنيكوس العالم العضوي. (دوبوا ريمون، «داروين وكوبرنيكوس» (1882-1883)، 557)

تحدثنا في الفصل الأول عن كوبرنيكوس، الذي وضع نظرية مركزية الشمس التي أدت إلى فقدان البشر للمركزية المادية، وقد سبب هذا تغيرا خطيرا في المنظور البشري حتى إنه ليس من المستغرب أن يقارن بين داروين وكوبرنيكوس كثيرا (هيكل 1929، 207؛ هكسلي 1860، 79). فلقد سبب داروين هو الآخر تغييرا في المنظور، حيث أزال فكرة التصميم، ووضع جميع أشكال الحياة العضوية، بما في ذلك البشر، تحت وطأة التفكير التطوري. بمجرد أن نشر داروين كتابه «أصل الأنواع» في 24 نوفمبر 1859، سرى شعور بالتأثير الهائل لنظريته بين معاصريه. كتب ألفريد راسل والاس - الذي شارك داروين في اكتشاف مبدأ الانتقاء الطبيعي - معترفا بالإمكانيات الثورية لنظرية داروين:

لم تحدث - ربما قط - في تاريخ العلم أو الفلسفة كله ثورة في الفكر والرأي في عظم تلك التي حدثت في فترة الاثني عشر عاما من 1859 إلى 1871، وهما عاما نشر كتابي السيد داروين «أصل الأنواع» و«أصل الإنسان» على الترتيب. (والاس 1891، 419؛ هيكل 1882، 534)

وبعد ما يقرب من 150 عاما من نشر داروين لكتابيه، لا يزال الباحثون في علم الأحياء متفقين على الثورة التي أحدثتها الداروينية في التفكير البشري. كتب جاك مونو في عام 1974 أنه واثق تماما:

أنه لا توجد نظرية علمية أخرى كان لها من الآثار الفلسفية والأيديولوجية والسياسية الهائلة مثل ما لنظرية التطور. (مونو 1974، 389)

ويؤكد عالم الأحياء التطورية الشهير إرنست ماير أن نشر كتاب «أصل الأنواع» «ربما يمثل أعظم ثورة فكرية شهدتها البشرية» (ماير 2001، 9؛ ماير 2000، 67-71). وانعكاسا للأهمية المتزايدة لعلم الأحياء في القرن الحادي والعشرين، يمنح ستيفن جاي جولد داروين تأثيرا أكبر من كوبرنيكوس.

من بين أعظم ثورتين في الفكر العلمي، يتفوق داروين بالتأكيد على كوبرنيكوس في التأثير العاطفي الخام ... (جولد 2002، 46؛ بوشنر 1868، 267)

يهدف هذا الفصل إلى تقديم وصف موجز للداروينية؛ مبادئها ونتائجها. لن يكون من الممكن دراسة كم المؤلفات الهائل الموضوع عن داروين والداروينية. ويتناول كثير من الأعمال المكتوبة عن الداروينية مبادئ علم الأحياء التطوري. يركز هذا الكتاب على تأثير الفكر العلمي في المسائل الفلسفية، ولذلك سنركز على الجوانب المهملة نسبيا من الداروينية؛ وهي نتائج تفكيره التطوري على الصور الذاتية للإنسان والمسائل الفلسفية. ومن أجل فهم الانقلاب في الفكر الإنساني، الذي سوف نصفه فيما بعد بأنه فقدان للتصميم الرشيد، فإننا بحاجة إلى دراسة وجهات النظر المختلفة للحياة قبل كتاب «أصل الأنواع» وبعده. ولكي نفهم تأثير الداروينية على مسألة أصل الإنسان، نحتاج إلى دراسة الأعمال التي تتناول العصور القديمة للبشرية وفكرة التحدر مع التعديل الجديدة. تسير هذه الخيوط معا في كتاب داروين «أصل الإنسان» (1871). ومن خلال دراسة هذه المواد سوف نتبوأ موقعا أفضل نعالج من خلاله المسائل الفلسفية التي تبزغ من بين ثنايا عمل داروين. وسيقودنا هذا إلى دراسة تاريخ الفرضيات الفلسفية في الداروينية وصولا إلى أسئلة المنهج العلمي وفلسفة العقل والتفسير والتنبؤ. (2) نظريات الحياة العضوية

صفحة غير معروفة