تبريد حرارة المصيبة عند موت الأحباب وفقد ثمرات الأفئدة وفلذات الأكباد في ضوء الكتاب والسنة
الناشر
مطبعة سفير
مكان النشر
الرياض
تصانيف
بدمع العين، ولا بحزن القلب، ولكن يعذِّب بهذا (١) - وأشار إلى لسانه - أو يرحم (٢)، وإن الميت يعذَّب ببكاء أهله عليه» (٣)، وكان عمر ﵁ يضرب فيه بالعصا، ويرمي بالحجارة، ويحثي بالتراب» (٤).
قال الحافظ ابن حجر ﵀: «في هذا إشعار بأن هذه القصة كانت بعد قصة إبراهيم ابن النبي ﷺ؛ لأن عبد الرحمن بن عوف كان معهم في هذه ولم يعترضه بمثل ما اعترض به هناك، فدل على أنه تقرّر عنده العلم بأن مجرّد البكاء بدمع العين من غير زيادة على ذلك لا يضر» (٥).
وفي حديث أسامة بن زيد ﵁ في قصةٍ لصبي لإحدى بنات رسول الله ﷺ حينما قال النبي ﷺ لرسول ابنته: «ارجع إليها فأخبرها: إن لله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى، فمرها فلتصبر ولتحتسب»، فأرسلت إلى رسول الله ﷺ وأقسمت عليه أن يحضر، فقام النبي ﷺ وقام معه سعد بن عبادة، ومعاذ بن جبل، وأسامة معهم، وحينما رُفع الصبي للنبي ﷺ وهو في النزع، فاضت عيناه، فقال له سعد: ما هذا يا رسول الله؟ قال: «هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده، وإنما يرحم الله من عباده
_________
(١) ولكن يعذب بهذا: أي إن قال سوءًا. فتح الباري لابن حجر، ٣/ ١٧٥.
(٢) أو يرحم: أي إن قال خيرًا. فتح الباري لابن حجر، ٣/ ١٧٥.
(٣) يعذب ببكاء أهله عليه: البكاء المحرم على الميت هو النوح، والندب بما ليس فيه، والبكاء المقرون بهما أو بأحدهما، شرح النووي على صحيح مسلم، ٦/ ٤٨٠. وانظر: فتح الباري لابن حجر، ٣/ ١٥٣ - ١٦٠ وشرح النووي، ٦/ ٤٨٢ - ٤٨٦.
(٤) متفق عليه: كتاب الجنائز، باب البكاء عند المريض، برقم ١٣٠٤، ومسلم، كتاب الجنائز، باب البكاء على الميت، برقم ٩٢٤.
(٥) فتح الباري لابن حجر، ٣/ ١٧٥.
1 / 26