206

العقود المضافة إلى مثلها

الناشر

دار كنوز إشبيليا للنشر والتوزيع

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٣٤هـ - ٢٠١٣ م

مكان النشر

الرياض

تصانيف

اللاحقة، وهذا متفق مع قواعد الشرع وكلام الفقهاء، ولم ينصوا عليه -فيما أعلم-، وهذا مقتضى كون الهبة تمليكًا في المذاهب الأربعة، كما سبق في التعريف، وبهذا يُعلم خطأ العبارة الشائعة (الهدية لا تهدى ولا تباع). الأدلة: الدليل الأول: عن سهل ﵁ أن امرأة جاءت النبي ﷺ ببردة منسوجة فيها حاشيتها ... قالت: نسجتُها بيدي فجئت لأَكْسُوَكَها. فأخذها النبي ﷺ محتاجًا إليها فخرج إلينا وإنها إزاره، فحسَّنها فلانٌ فقال: اُكسنيها، ما أحسنها. [وفي رواية قال: «نعم» فجلس ما شاء الله أن يجلس ثم رجع فطواها وأرسل بها إليه] قال القوم: ما أحسنتَ، لبسها النبي ﷺ محتاجًا إليها ثم سألته وعلمت أنه لا يرد. قال: إني والله ما سألته لألبسه، إنما سألته لتكون كفني. قال سهل: فكانت كفنه (١). وجه الاستدلال: أن هذه البردة وُهبت للنبي ﷺ ثم وهبها الرجلَ. الدليل الثاني: عن ابن عمر ﵄ قال: (رأى عمر حلة على رجل تباع ... فأتي رسول الله ﷺ منها بحللٍ فأرسل إلى عمر منها بحلة، فقال عمر: كيف ألبسها وقد قلت فيها ما قلت؟ قال: «إني لم أكسكها لتلبسها، تبيعها أو تكسوها» فأرسل بها عمر إلى أخٍ له من أهل مكة قبل أن يسلم (٢). وجه الاستدلال: أن النبي ﷺ وهب الحلة لعمر ﵁ فوهبها عمر لأخيه، ومن وجه آخر: يحتمل أنها وُهبت للنبي ﷺ فوهبها لعمر ﵁. الدليل الثالث: عن علي- ﵁ قال: أهدى إليّ النبي ﷺ حلة سِيَراء فلبستها فرأيت الغضب في وجهه فشققتها بين نسائي (٣). وجه الاستدلال: أن النبي ﷺ وهب الحلة لعلي ﵁ فوهبها علي لنسائه.

(١) رواه البخاري، كتاب الجنائز، باب من استعدّ الكفن في زمن النبي ﷺ فلم ينكر عليه (٢/ ٧٨) (ح ١٢٧٧)، والرواية المذكورة بين [] في صحيح البخاري، كتاب البيوع، باب ذكر النساج (٣/ ٦١) (ح ٢٠٩٣)، وكتاب اللباس، باب البرود والحبرة والشملة (٧/ ١٤٦) (ح ٥٨١٠)، والسائل سعد بن أبي وقاص (توفي سنة ٥٥) أو عبد الرحمن بن عوف (توفي سنة ٣٢) ﵄. فتح الباري ٤/ ١٦. (٢) رواه البخاري، كتاب الهبة، باب الهدية للمشركين (٣/ ١٦٤) (ح ٢٦٩١)، ومسلم، كتاب اللباس والزينة (٦/ ١٣٧) (ح ٥٤٠١)، وعند مسلم (٦/ ١٤١ - ١٤٢) (ح ٥٤١٩) من حديث جابر ﵁ أن النبي ﷺ قال لعمر: (إني لم أعطكه لتلبسه إنما أعطيتك تبيعه) فإذا جاز له بيعه جاز له إهداؤه. (٣) رواه البخاري، كتاب الهبة، باب هدية ما يكره لبسها (٣/ ١٦٣) (ح ٢٦١٤)، ومسلم، كتاب اللباس والزينة (٦/ ١٤٢) (ح ٥٤٢٠)، ومعنى سيراء: نوع من البرود يخالطه حرير كالسيور. النهاية، مادة سير، ص ٤٥٩.

1 / 210