اضطراب الناس في مسألة الكلام مع بيان الحق الذي تدل عليه الأدلة وتشهد به الفطر السليمة
الناشر
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
رقم الإصدار
السنة السادسة عشرة
سنة النشر
العدد الثاني والستون - ربيع الآخر - جمادى الآخرة ١٤٠٤هـ/١٩٨٤م
تصانيف
بسبب ذلك قتله خالد بن عبد الله القسري أمير واسط بالعراق يوم الأضحى وقال للناس في خطبته: "أيها الناس ضحوا تقبل الله ضحاياكم فإني مضَحٍ بجعد بن درهم فإنه زعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلًا ولم يكلم موسى تكليمًا، تعالى الله عما يقول الجعد علوًا كبيرا، ثم نزل فذبحه".
ثم تولى كبر هذه المقالة الشنعاء وهي مقالة تعطيل الأسماء والصفات بعد جعد ابن درهم تلميذه جهم بن صفوان السمرقندي، ونشرها فاشتهرت في الناس بمقالة الجهمية، وهذا الأخير لقي أيضًا مصرعه بسبب زيغه وزندقته.
ويذكر ابن القيم مذهب هؤلاء في النونية بقوله:
والقائلون بمشيئة وإرادة ... أيضًا فهم صنفان
أحدهما جعلته خارج ذاته ... كمشيئة للخلق والأكوان
قالوا: صار كلامه إضافة ... التشريف مثل البيت ذي الأركان
ما قال عندهم ولا هو قائل ... والقول لم يسمع من الديّان
فالقول مفعول لديهم قائم ... بالغير كالأعراض والأكوان
هذي مقالة كل جهميّ وهم ... فيها الشيوخ معلّموا الصبيان
٤ - والرابع من الأقوال قول الكرّامية أتباع محمد بن كرام السجستاني المتوفى عام (٢٥٥ هـ) قالوا: "كلام الله تعالى حروف وأصوات حادثة، تكلّم الله بها بمشيئة وقدرة بعد أن لم يكن متكلّما أي حدثت له صفة الكلام".
وفساد هذا القول ظاهِر حيث جعلوه تعالى في الأزل غير قادر على الكلام ثم جعلوا الكلام ممكنًا له تعالى مقدورًا له من غير حدوث شيء أوجب القدرة والإمكان.
ويقول في النونية عن هؤلاء:
والقائلون بأنه بمشيئته ... في ذاته فهم نوعان
أحدهما جعلته مبدوءًا به ... نوعًا حذارِ تسلسل الأعيان
فيسد ذاك عليهم في زعمهم ... إثبات خالق هذه الأكوان
٥ - والخامس قول السالمية أتباع محمد بن أحمد سالم المتوفى عام (٢٩٧) للهجرة.
قالوا: "كلام الله تعالى حروف وأصوات أزلية قديمة ولها معان تقوم بذات الرب تعالى".
1 / 111