التنازع والتوازن في حياة المسلم
الناشر
مؤسسة الطباعة والصحافة والنشر
مكان النشر
جدة - المملكة العربية السعودية
تصانيف
بين الحقوق المختلفة يضعف عن إكمال مسيرته.
وقد يقول قائل: إن السلف كانوا يطلبون العلم ولا يفكرون في غيره من الأمور المذكورة، وأقول لمن يقول ذلك: هات نساء كنساء السلف، وهات معيشة كمعيشتهم، ثمّ يصح لك بعد ذلك قياسك.
وهاك أمثلةً توضح مدى انشغال طالب العلم به، فقد قال سفيان بن عيينة (١) رحمه الله تعالى:
«لا تدخل هذه المحابر بيت رجل إلا أشقى أهله وولده» (٢).
أي أشقاهم بكثرة انشغاله عنهم، وانشغاله عن طلب الرزق.
وسأل ﵀ رجلًا: «ما حرفتك»؟
قال: طلب الحديث.
فقال له: «بشِّر أهلك بالإفلاس» (٣)
أي أنه لأجل حرفته هذه لن يطلب عملًا دنيويًا يُغني به أهله.
وقالت بنت أخت الزبير بن بكار (٤) لزوجه:
«خالي خير رجل لأهل لا يتخذ ضَرَّة ولا سُرِّية (٥)، فقالت المرأة: والله
_________
(١) الإمام سفيان بن عيينة بن ميمون الهلالي، أبو محمد الكوفي ثم المكي، ثقة حافظ، فقيه إمام حجة، توفي سنة ١٩٨ وله ٩١ سنة، انظر «التقريب»: ٢٤٥.
(٢) «نزهة الفضلاء»: ٢/ ٦٧١.
(٣) «نزهة الفضلاء»: ٢/ ٦٧١.
(٤) العلامة الحافظ، النسابة، قاضي مكة وعالمها، أبو عبد الله بكار بن عبد الله القرشي الأسدي الزبيدي. ولد سنة ١٧٢. وتوفي بمكة سنة ٢٥٦ رحمه الله تعالى. انظر «سير أعلام النبلاء»: ١٢/ ٣١١ - ٣١٥.
(٥) أي الجارية المتخذة للتسري وهو الجماع.
1 / 34