شروط لا إله إلا الله
الناشر
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
رقم الإصدار
السنة السادسة والعشرون - العددان ١٠١
سنة النشر
١٠٢ - ١٤١٤/١٤١٥هـ
تصانيف
وَلَو كَانَ معنى لَا إِلَه إِلَّا الله مَا زَعمه هَؤُلَاءِ لم يكن بَين الرَّسُول ﷺ وَبَين الْمُشْركين نزاع بل كَانُوا يبادرون إِلَى إجَابَته ﷺ إِذْ يَقُول لَهُم - بزعم هَؤُلَاءِ - قُولُوا لَا الله إِلَّا الله - بِمَعْنى: لَا قَادر على الاختراع إِلَّا الله. لَكِن الْقَوْم - وهم أهل اللِّسَان الْعَرَبِيّ - فَهموا أَنهم إِذا قَالُوا لَا إِلَه إِلَّا الله: فقد أقرُّوا بِبُطْلَان عبَادَة الْأَصْنَام. وَلِهَذَا نفروا مِنْهَا وَقَالُوا: ﴿أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ﴾ ١ فعرفوا أَن لَا الله إِلَّا الله تَقْتَضِي ترك عبَادَة مَا سوى الله وإفراده ﷾ بِالْعبَادَة، وَأَنَّهُمْ لَو قالوها واستمروا على عبَادَة مَا سوى الله لتناقضوا مَعَ أنفسهم. وَعباد الْقُبُور الْيَوْم لَا يأنفون من هَذَا التَّنَاقُض، فهم يَقُولُونَ لَا إِلَه إِلَّا الله ثمَّ ينقضونها بِعبَادة الْأَمْوَات والتقرب إِلَى الأضرحة بأنواع من الْعِبَادَات ٢.
وَبِهَذَا يَتَّضِح أَن مَعْنَاهَا الصَّحِيح: - هُوَ مَا ذَكرْنَاهُ فِي الْبِدَايَة - من نفي الألوهية الحقة عَمَّا سوى الله وإثباتها لله وَحده لَا شريك لَهُ.
وَأما تحقيقها: فَهُوَ أَن لَا نعْبد إِلَّا الله وَحده بِالْقَلْبِ وَاللِّسَان وَسَائِر الْجَوَارِح مَعَ نفي اسْتِحْقَاق أَي مَخْلُوق لأي نوع من أَنْوَاع الْعِبَادَة الَّتِي لَا تصح إِلَّا لله. قَالَ شيخ الْإِسْلَام ابْن تيميه " ... وَبِالْجُمْلَةِ فمعنا أصلان عظيمان: أَحدهمَا: أَن لَا نعْبد إِلَّا الله. وَالثَّانِي: أَن لَا نعبده إِلَّا بِمَا شرع، لَا نعبده بِعبَادة مبتدعة. وَهَذَا الأصلان هما: تَحْقِيق شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله " ٣.
ثَانِيًا: مَتى ينْتَفع الْإِنْسَان بقولِهَا:
ينْتَفع الْإِنْسَان بقول لَا الله إِلَّا الله - إِذا حقق أَرْكَانهَا وشروطها - كَمَا سَيَأْتِي بَيَانه. وَمَات على ذَلِك لم يرتكب ناقضًا من نواقضها.
_________
١ - آيَة ٥ سُورَة ص.
٢ - انْظُر: التدمرية ص ١٢٠، وكشف الشُّبُهَات ص ٩. وتيسير الْعَزِيز الحميد ص ٥٣ - ٥٤، ٣٦ - ٥٧. وَحَقِيقَة لَا إِلَه إِلَّا الله ص ٦٣ - ٦٤ (يتَصَرَّف) .
٣ - الْفَتَاوَى ج ١ ص ٣٣٣ وَانْظُر الْفَتَاوَى ج١ ص ٨ ٦١.
1 / 414