الوجازة في الأثبات والإجازة
الناشر
دار قرطبة للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٨ هـ
مكان النشر
بيروت - لبنان
تصانيف
ووَجْهُ ذَلِكَ: مَا قَدَّمْنَاهُ في أوَّلِ كِتَابِنَا هَذَا مِنْ كَوْنِ المَقْصُوْدِ المُحَافَظَةَ عَلى خَصِيْصَةِ هَذِه الأمَّةِ في الأسَانِيْدِ، والمُحَاذَرَةِ مِنِ انْقِطَاعِ سِلْسِلَتِها؛ فلْيُعْتَبَرْ مِنَ الشُّرُوْطِ المَذْكُوْرَةِ مَا يَلِيْقُ بِهَذَا الغَرَضِ عَلى تَجَرُّدِه، وليَكْتَفِ في أهْلِيَّةِ الشَّيْخِ بِكَوْنِه مُسْلِمًا بالِغًا عَاقِلًا غَيْرَ مُتَظَاهِرٍ بالفِسْقِ والسَّخَفِ، في ضَبْطِه بوُجُوْدِ سَماعِه مُثْبَتًا بخَطِّ غَيْرِ مُتَّهَمٍ، وبرِوَايَتِه مِنْ أصْلٍ مُوَافِقٍ لأصْلِ شَيْخِه «.
وعَلى حِفْظِ السَّنَدِ وبَقَاءِ سُنَّةِ المُحَدِّثِيْنَ عِنْدَ المُسْلِمِيْنَ، قَالَ ابنُ جَمَاعَةَ ﵀ (٧٣٣)، في «المَنْهَلِ الرَّوِي» (٣٤): «لَيْسَ المَقْصُوْدُ بالسَّنَدِ في عَصْرِنا إثْبَاتَ الحَدِيْثِ المَرْوِيِّ وتَصْحِيْحِه؛ إذْ لَيْسَ يَخْلُوا فِيْه سَنَدٌ عَمَّنَ لا يَضْبِط حِفْظَهُ أو كِتَابَه ضَبْطًا لا يُعْتَمَدُ عَلَيْه فِيْه؛ بَلْ المَقْصُوْدُ بَقَاءُ سِلْسِلَةِ الإسْنَادِ المَخْصُوْصِ بِهَذِه الأمَّةِ فِيْما نَعْلَمُ، وقَدْ كَفَانَا السَّلَفُ مَئُوْنَةَ ذَلِكَ، فاتِّصَالُ أصْلٍ صَحِيْحٍ بسَنَدٍ صَحِيْحٍ إلى مُصَنِّفِه كَافٍ، وإنْ فُقِدَ الإتْقَانُ في كُلِّهِم أو بَعْضِهِم» انْتَهَى.
* * *
ومِنْ خِلالِ مَا مَضَى مِنْ أقْوَالِ أهْلِ العِلْمِ المُحَقِّقِيْنَ، نَفْهَمُ أنَّ الإجَازَةَ وغَيرَهَا لم تَكُنْ بَعْدَ تَدْوِيْنِ كُتُبِ السُّنَّةِ وغَيرِهَا: إلاَّ تَوَسُّلٌ مِنَ الحُفَّاظِ إلى حِفْظِ الأسَانِيْدِ، إذِ المَقْصُوْدُ المُحَافَظَةُ عَلى خَصِيْصَةِ هَذِه الأمَّةِ في الأسَانِيْدِ، والمُحَاذَرَةِ مِنِ انْقِطَاعِ سِلْسِلَتِها!
1 / 45