الوجازة في الأثبات والإجازة
الناشر
دار قرطبة للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٨ هـ
مكان النشر
بيروت - لبنان
تصانيف
الفَصْلُ الرَّابِعُ
فَوَائِدُ الإجَازَةِ بَعْدَ تَدْوِيْنِ كُتُبِ السُّنَّةِ وغَيْرِهَا
هَذِهِ الإجَازَاتُ الَّتي ارْتَسَمَتْ في الدَّفَاتِرِ، وأُخِذَتْ عَنِ الأكَابِرِ، وتَسَلْسَلَتْ برِجَالِ أهْلِ العِلْمِ والتَّثَبُّتِ بَعْدَ تَدْوِيْنِ كُتُبِ السُّنَّةِ وغَيْرِهَا؟! مَا هِي إلاَّ تَأكِيْدًا لمنْهَجِ السَّلَفِ الصَّالِحِ في حِفْظِ اتِّصَالِ السَّنَدِ، والانْتِسَابِ إلى رِجَالِه؛ حَتَّى يَصِلَ مَرْفُوْعًا إلى النَّبِيِّ ﷺ.
ومَا الإجَازَاتُ إلاَّ رَبِيْبَةُ الرِّوَايَةِ، خَرَجَتْ مِنْ نَسْلِهَا، وتَرَبَّتْ في حِجْرِهَا، ورَضَعَتْ مِنْ لَبَنِهَا ولُبَانِها، فَلمَّا كَانَتِ الرِّوَايَةُ قَائِمَةً حَيَّةً في زَمَانِها اسْتَغْنَى أكْثَرُ أهْلِ العِلْمِ عَنِ الإجَازَاتِ، ولمَّا وَقَفَتِ الرِّوَايَةُ بَعْدَ التَّدْوِيْنِ والتَّألِيْفِ قَامَتِ الإجَازَاتُ جَذَعَةً بَيْنَ أهْلِ العِلْمِ إلى اليَوْمَ، فَهِي نَسِيْبَةُ الرِّوَايَةِ، وصِهْرُ السَّمَاعِ، والوَلَدُ للفِرَاشِ.
وقَدْ قِيْلَ: الإجَازَةُ أفْضَلُ مِنَ السَّماعُ؟، والصَّوَابُ خِلافُه قَطْعًا!
وخَصَّ بَعْضُهُم الاسْتَواءَ بالأزْمَانِ المُتَأخِّرَةِ الَّتَي حَصَلَ التَّسَامُحُ فِيْها في السَّماعِ بالنِّسْبَةِ للمُتَقَدِّمِيْنَ، لكَوْنِه آلَ لِتَسَلْسُلِ السَّنَدِ؛ إذْ هُو حَاصِلٌ بالإجَازَةِ، إلاَّ إنْ وُجِدَ عالمٌ بالحَدِيْثِ وفُنُوْنِه وفَوَائِدِه، ومَعَ ذَلِكَ فالسَّماعُ إنَّما هُوَ حِيْنَئذٍ أوْلى، لما يُسْتَفَادُ مِنَ المُسْمِعِ وَقْتَ السَّماعِ، لا لمُجَرَّدِ قُوَّةِ رِوَايَةِ السَّماعِ عَلى الإجَازَةِ!، ذَكَرَهُ السَّخَاويُّ في «فَتْحِ المُغِيْثِ» (٢/ ٣٩١).
* * *
1 / 41