روايات الجامع الصحيح ونسخه «دراسة نظرية تطبيقية»
الناشر
دار الفلاح للبحث العلمي وتحقيق التراث
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٤ هـ - ٢٠١٣ م
مكان النشر
الفيوم - جمهورية مصر العربية
تصانيف
متأخريهم فروى كل ما سمع فقد بيّن ذلك، وَوَكل الناسَ إلى النقد الذي قد مُهدت قواعده، ونصبت معالمه، فبحق قال المستشرق المحقق مرجليوث: ليفخر المسلمون ما شاءوا بعلم حديثهم. اهـ.
ولم تقتصر عناية العلماء بالإسناد في الأحاديث المروية عن رسول الله ﷺ فقط، بل امتدت لتشمل كلام الصحابة رضوان الله عليهم وكلام التابعين، ومن تصفح مقدمة الإمام مسلم وغيرها من كتب الحديث المسندة يجد الكثير من أقوال الصحابة، وآثار التابعين مسندة شأنها شأن الحديث المروي عن الرسول ﷺ.
بل امتد الأمر إلى نقل كلام تابعي التابعين بالإسناد، كما نقل مسلم في مقدمة «صحيحه» عن عبد الله بن المبارك المروزي - وهو من تابعي التابعين - قوله مسندًا: الإسناد من الدين ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء.
فهذه الأقوال المنقولة عن كل واحد من الصحابة ومن بعدهم كثير منها منقول بالسند، كما نقل حديث رسول الله ﷺ، فالحديث نقل بالسند؛ لأنه أصل من أصول الدين، وكذلك نقل كلام الصحابة ﵃ بالسند؛ لأنه فهم للدين، وعمل به، وتفسير له من أقرب الناس إلى رسول الله ﷺ، وأعلمهم بكلامه وهديه.
وكذلك نقل كلام التابعين وتابعي التابعين نقلًا بالسند؛ لأنهم أعرف الناس بما كان عليه الصحابة الكرام رضوان الله عليهم، فكل منقول متوقف قبوله أو ردُّه من حيث النقل على السند ونقد المتن، فإن صح السند ولم تظهر علة في متنه تقدح فيه ثبت نقل الخبر، وإن لم يصح انتفى ثبوته، وبهذا المعيار يحاكم كل ما ينقل.
فلذا وجدنا عند العلماء المتقدمين هذا السند يمتد ويتسع، ويتصل بكل علم نقل إليهم، فما نقل من تفسير لآيات القرآن كان بسند، وما نقل من
1 / 13