جمع القرآن - دراسة تحليلية لمروياته
الناشر
دار الكتب العلمية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٧ هـ - ٢٠٠٦ م
مكان النشر
بيروت
تصانيف
ولا يدع رسول الله ﷺ مجالا للشك في شدة يقظته ووعيه في لحظة تلقي القرآن من جبريل، كما جاء في الحديث الذي يرويه الإمام البخاري في صحيحه،
(عن عائشة أم المؤمنين ﵂: أن الحارث بن هشام ﵁ سأل رسول الله ﷺ فقال: يا رسول الله كيف يأتيك الوحي؟ فقال رسول الله ﷺ: أحيانا يأتيني مثل صلصلة الجرس، وهو أشد علي، فيفصم عني وقد وعيت عنه ما قال، وأحيانا يتمثل لي الملك رجلا، فيكلمني فأعي ما يقول، قالت عائشة ﵂: ولقد رأيته ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد فيفصم عنه وإن جبينه ليتفصد عرقا) «١».
فكانت همته ﵊ بادئ ذي بدء بعد انقطاع الوحي منصرفة إلى أن يحفظه ويستظهره، ثم يقرؤه على الناس على مكث ليحفظوه ويستظهروه «٢»، فقد كان رسول الله ﷺ يتعجل- في بادئ الأمر- في حفظ القرآن، فيسابق جبريل ﵇ وهو يلقي إليه القرآن ساعة الوحي، فيردد الآيات قبل أن ينتهي الملك من الوحي مخافة أن ينسى منه شيئا، وكان ذلك مما يشق عليه ﷺ، فجاء القرآن يطمئنه في أول الطريق، وينهاه عن تلك العجلة، فقال تعالى: وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي
_________
- ٥/ ٣١٧.
(١) صحيح البخاري، كتاب بدء الوحي، كيف كان بدء الوحي إلى الرسول ﷺ، حديث رقم (٢): ١/ ٤.
(٢) ينظر: مناهل العرفان: ١/ ٢٤٠؛ ومباحث في علوم القرآن، د. صبحي الصالح: ٢٨؛ والوحي وإفك المفترين، مقال للدكتور قحطان عبد الرحمن الدوري، في مجلة الرسالة الإسلامية، العددان: ١٢١، ١٢٢، محرم وصفر ١٣٩٩ هـ.
1 / 23