جمع القرآن - دراسة تحليلية لمروياته
الناشر
دار الكتب العلمية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٧ هـ - ٢٠٠٦ م
مكان النشر
بيروت
تصانيف
ترتب على حلها سلامة النص القرآني من التحريف «١». وهو الأساس الذي انطلقت منه حركة الحضارة الإسلامية في التاريخ، مطمئنة إلى دستورها المنزل، وهذا من أحسن وأعظم ما فعله الصديق ﵁، فإن الله تعالى أقامه بعد النبي ﷺ مقاما لا ينبغي لأحد من بعده، فقد قاتل الأعداء من مانعي الزكاة، والمرتدين، والفرس والروم، ونفذ الجيوش، وبعث البعوث والسرايا، ورد الأمر إلى نصابه، بعد الخوف من تفرقه وذهابه، وجمع القرآن العظيم من أماكنه المتفرقة، حتى تمكن القارئ من حفظه كله، وكان هذا من سر قوله تعالى: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ (٩) «٢»، فجمع الصديق ﵁ الخير وكف الشرور ﵁ وأرضاه «٣». ولذلك قال علي ﵁: (أعظم الناس أجرا في المصاحف أبو بكر، إن أبا بكر أول من جمع القرآن بين اللوحين) «٤».
المطلب الثاني: لجنة جمع القرآن
تشير رواية جمع القرآن السابقة إلى الصفات والمؤهلات التي جعلت أبا بكر الصديق ﵁ يخص زيد بن ثابت ﵁ بهذا العمل الجليل، فذكرت له أربع خصال كونه شابا، فيكون أنشط لما يطلب منه، وكونه عاقلا، فيكون أوعى له، وكونه لا يتهم، فتركن النفس إليه، وكونه كان يكتب الوحي، فيكون أكثر ممارسة له «٥».
فهذا الحديث يدل على جدارة زيد بهذه الثقة، لتوافر تلك المناقب التي
(١) ينظر: تاريخ القرآن، د. عبد الصبور شاهين: ١٠٣ - ١٠٤؛ ورسم المصحف: ١٠٣. (٢) سورة الحجر، الآية (٩). (٣) ينظر: فضائل القرآن لابن كثير: ١٥. (٤) المصدر نفسه: ١٥، وقال: هذا إسناد صحيح؛ ينظر: كتاب المصاحف: ١/ ١٦٥. (٥) ينظر: فتح الباري شرح صحيح البخاري: ٩/ ١٦.
1 / 124