الموازنة بين «الفائق» للزمخشري (ت ٥٣٨ هـ) و«النهاية» لابن الأثير (ت ٦٠٦ هـ)

إبراهيم بن عبد الله المديهش ت. غير معلوم

الموازنة بين «الفائق» للزمخشري (ت ٥٣٨ هـ) و«النهاية» لابن الأثير (ت ٦٠٦ هـ)

تصانيف

المُوَازَنَةُ بَيْنَ «الفَائِق» للزَّمَخْشَرِي (ت ٥٣٨ هـ) و«النِّهَايَة» لابن الأثِيْر (ت ٦٠٦ هـ) قال النووي ﵀ عن «علم غريب الحديث»: «وَهُوَ فَنٌّ مُهِمٌّ، وَالخَوْضُ فِيْهِ صَعْبٌ، فَلْيَتَحَرَّ خَائِضُهُ، وَكَانَ السَّلَفُ يَتَثَبَّتُوْنَ فِيْهِ أَشَدَّ تَثَبُّتِ» «تدريب الراوي» للسيوطي (٢/ ٧٦٣) كتبه: إبراهيم بن عبدالله المديهش

1 / 1

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لانبي بعده، وعلى آله وصحبه وأتباعه بإحسان أما بعد فهذه ورقات مختصرة جدًا، تُقدِّم موازنةً بين كتابين من أكبر الكتب المؤلفة في «غريب الحديث» (١)، والموازنةُ لا تتَأتَّى إلا بعد بيان منهج كل كتاب منهما على وجه التفصيل أو قريبًا منه، وبيانُ منهج واحد منهما يستغرق وقتًا طويلًا، وعملًا استقرائيًا دقيقًا، والوقت لا يُسعف بذلك؛ لذا اعتمدت بعد الله - تعالى - على من كتب تفصيلًا في منهج الكتابين (٢)، مع اطلاعي على الكتابين وقراءة مقدمتهما، ومواضع منهما.

(١) هذه الورقات مقدَّمَةٌ في الفصل التمهيدي لمرحلة الدكتوراة (١٤٣٢ هـ)، ثم أضفت عليها يسيرًا (١٤٣٦ هـ). (٢) من ذلك: «الزمخشري اللغوي وكتابه الفائق» أ. د. رشيد بن عبدالرحمن العبيدي، من منشورات المجمع العلمي العراقي (ط.١٤١٢ هـ)، و«منهج ابن الأثير الجزري في مصنفه النهاية في غريب الحديث والأثر» أ. د. أحمد بن محمد الخراط، منشور في الشبكة، وهو بحث مقدم لندوة «عناية المملكة العربية السعودية بالسنة والسيرة النبوية» التي عقدها مجمع الملك فهد لطباعة المصحف، بتاريخ ١٥/ ٣/ ١٤٢٥ هـ، وقد استفدتُ منه كثيرًا في هذه الأوراق، وانظر: مقدمة تحقيقه لكتاب «النهاية» (١/ ٢٦ ــ ٧٩)، و«التأويل في غريب الحديث من خلال كتاب النهاية» د. علي بن عمر السحيباني، طبعة مكتبة الرشد، وكتب أخرى تحدثت عن غريب الحديث مثل: «غريب الحديث» لبازمول، وملفي الشهري، ومقدمة تحفة الأحوذي المطبوعة مفردة، وكتاب «معاجم الغريب» للشرقاوي إقبال. ثم طبعت في نهاية عام ١٤٣٥ هـ رسالة دكتوراة مقدمة إلى جامعة دمشق في عام ١٤١٤ هـ، بعنوان «ابن الأثير المحدث ومنهجه في كتابه النهاية في غريب الحديث والأثر» د. أميمة رشيد بدر الدين، ط. دار النوادر اللبنانية، وتقع في (٤٨٧ صفحة).

1 / 2

أولًا: التعريف المختصر ب الزمخشري وكتابه «الفائق»: اسمه وكنيته ولقبه: أبو القاسم محمود بن عمرَ بن محمد الزَّمَخْشَرِيُّ، الخوارزمِيُّ، النحوي، المعتزلي، الحنفي. مولده: وكان مولده بـ «زَمَخْشَرَ» من قُرى «خوارزم» في (٧/ ٤٦٧ هـ). من مؤلفاته: «الكشَّاف»، «الفَائِقُ في غريب الحديث»، وَ«ربيع الأَبرارِ»، و«أساسُ البلاغة». عقيدة: على مذهب المعتزلة، ومن دعاتهم. مذهبه الفقهي: على مذهب الحنفية. قيل عنه: قَالَ السَّمْعَانِيُّ: (برع في الآداب، وصَنَّفَ التصانيف، ورد العراق وخُرَاسان، ما دخل بَلدًا إلا واجتمعُوا عليه، وتلمذوا له، وكان علاَّمةً نَسَّابةً). وقال شيخ الإسلام ﵀ في كتابه: «مقدمة في أصول التفسير» في أثناء كلامه عن تفاسير المعتزلة: (من هؤلاء من يكون حسن العبادة يدس البدع في كلامه دسًا،

1 / 3

وأكثر الناس لا يعلمون، كصاحب الكشاف ونحوه، حتى إنه يروج على خلق كثير من أهل السنة، كثير من تفاسيرهم الباطلة). وقال عنه الذهبي في «ميزان الاعتدال»: صالح، لكنه داعية إلى الاعتزال، أجارنا الله؛ فكن حذرًا من كشَّافه. قال ابن السبكي عن «الكشاف»: آية في بيان أنواع البلاغة والإعجاز، لولا ما شابه من الاعتزال. وفاته: (٨/ ١٢/٥٣٨ هـ). (١) • عنوان الكتاب: «الفائق في غريب الحديث» معلومات الطباعة: طبع بتحقيق: محمد أبي الفضل إبراهيم، وعلي البجاوي، الطبعة الأولى في مطبعة البابي الحلبي (١٣٦٧ هـ) في ثلاث مجلدات، ثم الطبعة الثانية في أربع مجلدات، ثم صورت عنها عدد من دور النشر منها: دار الفكر، ودار المعرفة، وغيرهما. • الخدمات حول الكتاب: اختصره عبدالرحمن بن حسين النزيلي (ت القرن ١١ هـ) في كتاب سماه «المفيد في غريب الحديث» (٢)، وألَّف أ. د. رشيد العبيدي: «الزمخشري اللغوي وكتابه الفائق».

(١) ينظر: «الأنساب» (٣/ ١٦٣)، «سير أعلام النبلاء» (٢٠/ ١٥١)، «ميزان الاعتدال» (٦/ ٣٨٣)، «البداية والنهاية» (١٢/ ٢٣٥)، «طبقات المعتزلة» (٢٠)، «مقدمة التفسير لابن تيمية مع شرح ابن عثيمين» (ص ٧٩)، «وفيات الأعيان» (٥/ ١٦٩)، «الجواهر المضية» (٣/ ٤٤٧). (٢) «هجر العلم ومعاقله في اليمن» للأكوع (٣/ ١٧٧٦).

1 / 4

سبب تأليفه، ووقته: ذكر السبب في مقدمته (١/ ١٢): [كشفُ ما غرب من ألفاظ الآثار واستبهم، وبيان ما اعتاص من الأغراض واستعجم] وربما من الأسباب تسهيل الوصول لغريب الحديث الحديث من خلال الترتيب الهجائي. وقد انتهى منه في (٤/ ٥١٦ هـ) كما ذكر في آخر كتابه. • تأثره بمن قبله: جاء «الفائق» بعد عدد من مؤلفات غريب الحديث: أبي عبيد، ابن قتيبة، الخطابي، الهروي في المجموع، واستفاد منهم كثيرًا، بل نقل بالنص من ابن قتيبة، والخطابي، ولم يشر إلى ذلك، ولا أشار في مقدمته. (١)

(١) مما حدا بمحقق كتاب ابن قتيبة د. عبدالله الجبوري إلى أن يقول بعد موازنة (١/ ٨١): إن الفائق نسخة أخرى من كتاب غريب الحديث لابن قتيبة. وقال محقق كتاب الخطابي (١/ ٣٨): بأن الزمخشري نقل كثيرًا من الأحاديث وشرحها وإن لم يصرح بذلك، ولكن عبارة الخطابي واضحة جلية ... وعندي أن عبارة د. الجبوري فيها نظر، وأنها تزهد في اقتناء الكتاب اكتفاء بكتاب ابن قتيبة، وماذا نقول عن النقل الكثير من الخطابي، ومن أبي عبيد، فهل هو نسخة منهما أيضًا؟ ! .وسبب هذه النتيجة بعد أن أجرى مقارنة بينهما، هو عدم فهمه لمناهج العلماء في التأليف، ومنها اعتمادهم على من كتب قبلهم، ونقل بعضهم من بعض، فيأتي المتأخر وينسخ كتب من سبقه، ويضيف إضافات كثيرة كانت أو قليلة، مع ترتيب أو اختصار (وهكذا نماءُ العلم)، ولم يزل هذا دأبهم في جميع الفنون، نعم يُحسب لمن أشار منهم في مقدمة كتابه إلى اعتماده كتابَ كذا وكذا، مع الاضافات والاستدراكات، كما فعل ابن الأثير مثلًا .. وأقول: كيف يُعتبر الفائق نسخة أخرى من ابن قتيبة، تزهيدًا فيه! مع وجود نقل كثير من غيره، وإضافات عديدة خاصة في المسائل اللغوية: نحوية، وصرفية، وبلاغية، وغيرها، وقد أقرَّ الجبوري بهذه الاضافات، مع إعادة الترتيب على الحروف الهجائية، وحذف الأسانيد، وهذا العمل داخل ضمن مقاصد التأليف المعروفة؟ ! نعم يُذكر من المآخذ عدم العزو عند النقل، أو الاكتفاء بإشارة في المقدمة، وهذا مالم يفعله الزمخشري.

1 / 5

هذا في تأثره وأما مصادره فإضافة إلى كتب الغريب: العين، وتهذيب الأزهري، وكتاب سيبويه، ومناظر النجوم لابن قتيبة، والمسائل العسكريات لأبي علي الفارسي، والمقامات للهمداني، وكتب الجاحظ، وكتب التفسير. (١) • تأثيره فيمن بعده: نقل منه ابن الأثير في «النهاية» في مواضع عديدة تزيد على مئة وثمانين موضعًا. ونقل منه أيضًا ابن منظور في «لسان العرب»، والزبيدي في «تاج العروس»، ومحمد بن السيد (ت ٨٦٠ هـ) في «الراموز في اللغة» كما في «كشف الظنون» (١/ ٥٧٢، ٨٣١). • قيمة الكتاب العلمية: يعتبر من جوامع كتب الغريب، وقد استفاد ممن قبله، وهو حسن الترتيب حيث رتب المواد على الحروف الهجائية بخلاف من سبقه، وفيه عناية فائقة بالمسائل اللغوية. ويعد انعطافًا مهمًا في تاريخ التأليف في المعجمات الخاصة، لما يتميز به هذا الكتاب من خلال تفسيراته وشروحه من ظواهر اللغة وخصائصها العامة ... وقد أشار

(١) ينظر «الزمخشري اللغوي وكتابه الفائق» د. العبيدي (ص ٩٣) وما بعدها.

1 / 6

الزمخشري في مقدمته إلى شئ من هذا، حيث قال: (١/ ١٢): يعود لمقتبسه بالنصح ويرجع إلى الراغبين فيه بالنجح: من اقتضاب ترتيب سلمت فيه كلمات الأحاديث نسقًا ونضدًا، ولم تذهب بددًا ولا أيدي سبا وطرائق قددًا، ومن اعتماد فسْر موضح وكشف مفصح اطلعت به على حاق المعنى وفص الحقيقة اطلاعًا مؤداه طمأنينة النفس وثلج الصدر، مع الاشتقاق غير المستكره، والتصريف غير المتعسف، والإعراب المحقق البصري الناظر في نص سيبويه وتقرير الفسوى .. • ترتيب مواد الكتاب، ومنهجه في عرض المادة: رتبه على حروف الهجاء، وخالف في موضع، فقدم الواو على الهاء، وهو ترتيب معروف أيضًا عند أهل اللغة، رتَّبه على الحرفين الأول والثاني فقط، ولم يرتب على الحرف الثالث كما فعل في «أساس البلاغة»، فالحرف الأول في الفائق هو الباب، ومثال الاخلال وعدم الترتيب في الحرف الثالث، ما أورده في باب الواو واللام (٤/ ٧٩): [وله، ولي، ولق، ولغ، ولول، ولي، ولث، ولد] وعرضه للحديث يختلف طولًا وقصرًا، فأحيانًا يسرد الحديث كاملًا، وأحيانًا يأتي بجزء منه، وغالب ما يكون إيراده الحديث بطوله، بسبب وجود عدد من المفردات الغريبة فيه، فيأتي عليها جميعًا، فيشرحها في موضع واحد .. مثل (١/ ٧٤ - ٧٨)، (١/ ٩٤ - ٩٩)، (٤/ ٦١)؛ وقد يأتي بجزء من الحديث ويذكر غريبه ولا يأتي بالحديث كاملًا مثل (١/ ٢٥١): حديث (نهى النبي ﷺ عن بيع حبل الحبلة)، وحديث صفة الدجال (رأسه حبك)، وحديث الاسراء (١/ ٢٧٠)، وانظر (١/ ٣٦٦، ٤٣٨، ٤٤٠).

1 / 7

منهجه في اختيار ألفاظ الغريب: بما أن أحاديث الكتاب وما فيها من المواد اللغوية مستقاة من كتب من سبقه في التأليف، فإن الاختيار واحد عند أئمة هذا الشأن، يعتنون بالغريب اللفظي، وما يشكل معناه من المشترك اللفظي، فيوردونه كلٌّ بحسب منهجه في طريقة الإيراد، وقد أبان عن شئ من هذا الخطابي في مقدمة كتابه، وابن الأثير ﵏. • منهجه في تفسير الألفاظ: يعرض الحديث ثم يشرح اللفظة الغريبة دون أن يذكر اللفظة المراد تفسيرها بعد الحديث، مثاله: (٢/ ١٣٧): [(أفضل الناس مؤمن مزهد) هو القليل الماء لأن ما عنده يُزهد فيه لقلته] و(٤/ ٩٣): [(كان ﷺ إذا قام للتهجد يشوص فاه بالسواك) هو ترك الهجوع للصلاة بالليل] وهذا قد يشكل أحيانًا في تحديد اللفظة التي أرادها، لكن يعين ذلك معرفة الباب، ففي المثال الأخير أراد تفسير التهجد، وقد أورده في باب (الهاء والجيم)، ويتضح الإشكال حينما يكون في الحديث أكثر من لفظة غريبة. يفسر الفعل بالفعل، والاسم بالاسم، وقد يعطي نقيضها أو رديفها، وقد يبين نوع الصيغة التي وردت بها اللفظة، مثاله (٢/ ٧٧): («كان يقرب إلى الصبيان تصبيحهم» هو فى الأصل مصدر صبح القوم إذا سقاهم الصبوح ثم سمى به الغداء كما قيل للنبات: التنبيت وللنور: التنوير). ويأتي بالنقيض، فمثلًا (٣/ ٤٠): العوراء: هي الكلمة الشنيعة، ونقيضها العيناء.

1 / 8

ويذكر المترادفات (١)، ويضبط المواد بالشكل والحروف، وهذا واضح في أدنى تصفح (٢)، ويبين أيضًا الاشتقاق (٣)، ويعتني في تفسير مواد الغريب بذكر الشواهد: وهي شواهد قراءنية، فقد تجاوزت (٢٧٠) شاهدًا، أو حديثية وهي أكثر نصوص الاستشهاد، يأتي بها شاهدًا للفظ المشروح (٤) أو لمعنى الحديث (٥)، يلي الشواهد الحديثية الشعر فقد أورد (١٤٤٥) شاهدًا شعريًا، ثم الأمثال (١١٥) مثلًا وكثيرًا ما يحيل في شرح المثل إلى كتابه «المستقصي في الأمثال»، ثم أقوال الفصحاء والبلغاء (٦). يعتني أحيانًا بروايات الحديث، والاختلاف فيها، ويخطئ بعض الرواة أحيانًا، ويشير إلى تصحيف في اللفظة، ويذكر الاحتمالات الواردة في الرواية (٧)، ويبين اللغات الواردة في اللفظة المشروحة، ينظر مثلًا (٣/ ٩)، ويقلب وجوه الاحتمالات الدلالية، مثاله (٣/ ٣٧٥) لفظة «تمعن عليه» فسرها على أنه من المعان وهو المكان، ثم استوفى الوجوه الأخرى المحتملة، فقال: [أو من قولهم للأديم: معن ومعين أي انبطح ساجدًا على بساطه كالنطع الممدود. كقولهم: رأيته كأنه جلس من خشية الله. أو من المعين وهو الماء الجاري على وجه الأرض. وقد معن: إذا جرى. ويروى: تمعك عليه

(١) ينظر مثلًا: (٣/ ١٦٠، ٣٨٨)، (٢/ ٨٧، ١٦١). (٢) ينظر مثلًا: (٣/ ٩١، ٩٧، ١١٤، ٣٩٤) (٤/ ٨٥). (٣) ينظر مثلًا: (١/ ٤٢٧) (٣/ ٤٠، ٣٣٣). (٤) ينظر مثلًا: (١/ ١٤٧). (٥) ينظر مثلًا: (١/ ١٤٩). (٦) ينظر في هذا كلِّه: «الزمخشري اللغوي وكتابه الفائق» د. العبيدي. (٧) ينظر مثلًا: (١/ ١٦٤، ١٥٠، ١٩٧)، (٢/ ٩٦، ٢٣٦، ٣٤٨)، (٣/ ١١٩، ٢٨٨، ٢٦٩)، (٤/ ٧٣).

1 / 9

أي تقلب عليه وتمرغ. أو من أمعن بحقه وأذعن إذا أقر أي انقاد وخشع انقياد المعترف. أو من المعن وهو الشيء اليسير أي تصاغر وتضاءل]. وقد نثر الزمخشري في الكتاب مسائل لغوية كثيرة من: نحو (١)، وصرف (٢)، وبلاغة (٣)، وعروض (٤)، وغيرها حتى أصبحت السمة البارزة للكتاب، والتي تميزه عن غيره من كتب هذا الفن. يذكر الأضداد (٥)، والأعجمي والمعرَّب (٦)، ويبين اللهجات واللغات السامية (٧)، والأصوات اللغوية (٨). ويضبط الأعلام والأنساب الواردة في الكتاب (٩). ومن منهجه الاستطراد، فيذكر المثيل، ثم يُفرِّع عنه، ويتوسع في ذلك، مثاله (١/ ١٥٩): «تيَّا» تحدث عنها، ثم ذكر «ذا» و«اللذيا»، وانظر أيضًا (٣/ ١٤٥).

(١) ينظر مثلًا: (١/ ١٦، ١٢٦، ١٧٣، ٢٦٦، ٢٦٩)، (٢/ ٣١٠). (٢) ينظر مثلًا: (١/ ٧، ١١٩، ١٧٥، ١٧٧، ١٨٠)، (٢/ ٥)، (٣/ ٣٣٣). (٣) ينظر مثلًا: (١/ ٦٨، ١٣٦، ١٩٦، ٢٦٣)، (٣/ ٣٦،، ٤٧، ١١٦، ١٩٧، ٢٧٣). (٤) ينظر مثلًا: (٢/ ٥٦)، (٣/ ١٧٨، ٢٨٧). (٥) ينظر مثلًا: (١/ ١٤٢، ٢٤٨)، (٢/ ٢٧١، ٣٥٣). (٦) ينظر مثلًا: (١/ ٤٣، ٦٨، ٨٨، ٩٠، ١٢٦، ١٩٥). (٧) ينظر مثلًا: (١/ ٤٤٠)، (٢/ ١٤٤، ١٩٩، ٢١٥)، (٣/ ٣٦). (٨) ينظر «الزمخشري اللغوي وكتابه الفائق» د. العبيدي (ص ١٢٧ - ١٣١). (٩) ينظر مثلًا: (٢/ ٢١٥، ٢٥٢، ٣٩٠)، (٣/ ١١٠، ١١٥، ٢٢٧).

1 / 10

الجدير بالتنبيه: أن الزمخشري لا يفسر غريب الحديث الوارد في الباب الذي يتحدث فيه فقط، بل يُفسِّر أحيانًا غريب الأحاديث التي يوردها في شرحه للمفردة اللغوية (١). وأنه لم يكن ناقلًا لأقوال من سبقه فحسب، بل له اختيارات، وتصويبات، من ذلك، قوله: (وليس بثبت)، (لا أحقه) (٢)، وتعقب أبي عبيد في رواية حديث. (٣) • مذهبه العقدي وأثره في الكتاب: سبق في ترجمة الزمخشري أنه معتزلي، بل من كبارهم ومن الدعاة إلى مذهبهم، وسبق ذكر قول شيخ الإسلام ابن تيمية فيه وفي تفسيره، ولا شك في ظهور شئ من مذهبه لكن ليس بالصورة الموجودة في «الكشاف» لأن مجال بث مسائل الاعتزال في «الكشاف» أوضح من المعجم اللغوي «الفائق»، على كلٍ أورد في كتابه تأويل عدد من صفات الله ﷿، مثل: صفة اليد، والقدم، والإصبع، والعين، والوجه، وغير ذلك من الصفات الثابتة في الكتاب والسنة. (٤) • مذهبه الفقهي وأثره في الكتاب: سبق في ترجمته أنه حنفي المذهب، ونجد في «الفائق» عرضًا لبعض المسائل الفقهية، يقول في بعضها: (قال: أصحابنا) يريد: الحنفية، وقد عرض لمسألة طلاق

(١) ينظر مثلًا: (١/ ١١١، ١١٣). (٢) ينظر مثلًا: (١/ ٧١)، (٣/ ٢٧٠)، وغيرها. (٣) ينظر: (١/ ٣/٤٢). (٤) ينظر مثلًا: (١/ ١٠٧، ١٠٨، ١٠٩، ١١٠)، (٢/ ٢٨٢)، (٣/ ١٦٥، ١٩٣، ١٩٤)، (٤/ ٦ - ٧).

1 / 11

المكره، وبول الغلام، وغيرها، يشير إلى المذاهب الفقهية، مع عنايته بأقوال أئمة الحنفية. (١) • المآخذ على الكتاب: ١. العقيدة: هو معتزلي، ينثر اعتزالياته بطريقة قد تخفى على القارئ أول الأمر، كما في «الكشاف» فلا يؤمن من وجود دسائس مثل هذه في كتاب «الفائق»، وقد وجدت تأويلات لصفات الله تعالى - كما سبق ـ. ٢. عزو النقول، وذكر المصادر: الزمخشري اعتمد على من قبله كثيرًا، مثل: كتاب أبي عبيد، وابن قتيبة، والخطابي، ولم يشر في كثير من النقول، ولم يذكر في المقدمة اعتماده على هذه المصادر! وإن كان بعض المعاصرين يرى بأن نقل العلماء بعضهم عن بعض دون عزو سِمَةٌ ظاهرة في القرون السابقة. (٢) ٣. شرحه غريب الحديث كاملًا في موضع واحد، ولا يفرق الألفاظ على مواضعها في الكتاب حسب ترتيب المادة، وبناء عليه فإنه يصعب الوصول إلى بعض الألفاظ. قال ابن الأثير في مقدمة «النهاية» (١/ ٩) عن كتاب «الفائق»: [ولقد صادف هذا الاسمُ مُسَمَّى، وكشف من غريب الحديث كل مُعَمَّى، ورتَّبه على وضعٍ اخْتارَه، مُقَفَّى على حروف المعجم، ولكن في العُثُور على طلب الحديث منه كُلْفَةً ومشقة، وإن

(١) ينظر مثلًا: (٢/ ١٠٨)، (٣/ ٧٧، ١٠٧، ٢٧٥، ٣٢٢، ٣٤٤)، (٤/ ٦٥). (٢) ينظر: «كتب حذر منها العلماء» للشيخ: مشهور سلمان (٢/ ٣٧٢).

1 / 12

كانت دون غيره من مُتَقدم الكتب؛ لأنه جَمعَ في التَقْفِيةِ بين إيراد الحديث مَسْرُودًا جميعه أو أكثره أو أقله، ثم شَرَحَ ما فيه من غريب، فيجيء شرحُ كل كلمة غريبة يشتمل عليها ذلك الحديث في حرف واحد من حروف المعجم، فترِدُ الكلمة في غير حرفها، وإذا تَطَلَّبها الإِنسان تَعِب حتى يَجدها، فكان كتابُ الهروي أقرب متناوَلًا، وأسهل مأخذًا، وإن كانت كلماته متفرقة في حروفها، وكان النفع به أتمَّ والفائدة منه أعمَّ ..]. ٤. عدم التزامه بالترتيب في الحرف الثالث، بل اكتفى بالحرف الأول والثاني. ٥. تضمن الكتاب بعض الاجتهادات اللغوية التي لايوافق عليها. (١) ٦. عدم التنبيه على الأحاديث الضعيفة والموضوعة، وهذا تبع لمن سبقه، وعليه عامة من كتب في الغريب؛ لأن القصد هو شرح المفردة الغريبة، أما بيان الصحة والضعف فلها كتب أخرى، ولو أراد أصحاب الفن تمييز ذلك، لطالت الكتب كثيرًا، نظرًا لكثرة الأحاديث. * * *

(١) ينظر «الزمخشري اللغوي وكتابه الفائق» د. العبيدي (ص ١٥٦)، وانظر كتاب «التأويل في غريب الحديث ...» د. السحيباني (ص ٥٤٥).

1 / 13

ثانيًا: التعريف المختصر بابن الأثير وكتابه «النهاية»: (١) اسمه وكنيته ولقبه: مجد الدين، أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد بنِ عبدالكريم بن عبدالواحد الشيباني، الجزري، ثُمَّ الموصلي، الكاتب، ابنُ الأَثِير، و«الأثير» لقبٌ لوالده أبي محمد بن عبدالكريم. مولده: بجزيرة ابن عُمَر، سنة (٥٤٤ هـ)، ونشأ بها، ثم تَحوَّل إلى المَوصل. من مؤلفاته: «جَامع الأصول»، وَ«غريب الحديث»، و«شرح مسند الشافعي»، «الفروق في الأَبنية)، «الأَذواءِ والذوات»، «المختار فِي مناقب الأَخيار»، و«شرحُ غريب الطوال». عقيدته: على مذهب الأشاعرة. مذهبه الفقهي: على مذهب الشافعية. قيل عنه: حَدَّثَ وَانتفعَ بِهِ النَّاسُ، وَكَانَ وَرِعًا، عَاقِلًا، بَهِيًّا، ذَا بِرٍّ وَإِحسَانٍ، وَأَخُوْهُ عِزُّ الدِّيْنِ عليٌّ، صَاحِبُ «التَّارِيْخِ»، وَأَخُوْهُمَا الصَّاحبُ ضِيَاءُ الدِّيْنِ، مُصَنِّفُ كِتَاب «المَثَلِ السَّائِرِ».

(١) تنبيه: استفدتُ كثيرًا من بحثين: الأول: للأستاذ الدكتور: أحمد الخراط، والثاني: د. علي السحيباني في كتابه «التأويل في غريب الحديث من خلال كتاب النهاية لابن الأثير».

1 / 14

وفاته: تُوُفِّيَ: فِي الموصل (٦٠٦ هـ). (١) • عنوان الكتاب: «النهاية في غريب الحديث والأثر» معلومات الطباعة: طبع في طهران سنة (١٢٦٩ هـ) طبعة حجرية في مجلد واحد، ثم في المطبعة الخيرية في مصر (١٣٠٦ هـ) في أربع مجلدات وبهامشها الدر النثير للسيوطي وتصحيفات المحدثين للعسكري، والطبعة الثالثة في المطبعة العثمانية في القاهرة ... (١٣١١ هـ) في أربع مجلدات بتصحيح الطهطاوي، وبهامشها الدر النثير للسيوطي، والطبعة الرابعة في الخيرية في القاهرة (١٣١٨ هـ) في أربع مجلدات، والخامسة في البابي الحلبي في القاهرة (١٣٨٣ هـ) في خمس مجلدات، بتحقيق: طاهر الزاوي، ومحمود الطناحي، وهي أحسن الطبعات على ضعف فيها. (٢) ثم طبع في مجلد واحد بإخراج: علي حسن عبدالحميد، طبعة: دار ابن الجوزي (١٤٢١ هـ)، وطبعة أخرى بعناية: رائد صبري، ط. بيت الأفكار (١٤٢٢ هـ تقريبًا).

(١) ينظر: «سير أعلام النبلاء» (٢١/ ٤٨٨)، و«طبقات السبكي» (٥/ ١٥٣)، و«البداية والنهاية» ... (١٣/ ٥٤)، «وفيات الاعيان» (٤/ ١٤١). (٢) اعترف بذلك الطناحي ﵀ في مقدمته لتحقيق «منال الطالب» (ص ٢٤)، واعتذر لذلك بأن عمله فيه كان من أوائل اشتغاله بالعلم، وانظر «مجلة اللغة العربية في أم القرى» عدد (١) ١٤٠١ هـ (ص ٦٦). أفاده د. السحيباني في كتابه «التأويل في غريب الحديث من خلال كتاب النهاية» (ص ١٢١).

1 / 15

وكلاهما اعتمدا طبعة الطناحي والزاوي. ثم طبع في عام ١٤٣٤ هـ بتحقيق أ. د. أحمد الخراط، في (١٠) مجلدات، معتمدًا على عشر نسخ خطية، طبع في المكتبة المكية، ومؤسسة الريان، ووزعته وزارة الأوقاف في قطر. ــ وهي أحسن طبعة للكتاب، ولله الحمد ـ. • قيل فيه: وصفه أهل الفنِّ بأنّه «لم يُعهد نظيره في بابه» (١)، ووصفه ابن منظور في مقدمته (٢): بأنه «جاء في ذلك بالنهاية، وجاوز في الجودة حدَّ الغاية». وقال السيوطي (٣): «وهو أحسن كتب الغريب، وأجمعها، وأشهرها، وأكثرها تداولًا». • الخدمات حول الكتاب: تعددت طباعته مما يدل على اعتناء أهل العلم به، ولم يطبع كتاب من كتب الغريب مثل ما طبع كتاب «النهاية». نظمه شعرًا (٤): إسماعيل بن محمد البعلي (ت ٧٨٥ هـ)، وسمَّاه «الكفاية في نظم النهاية».

(١) «مفتاح السعادة» لطاش كبري زاده (١/ ١٢٥)، وانظر: «شرح شرح نخبة الفكر لابن حجر» ... (ص ٥٠٤). (٢) «لسان العرب» (١/ ١٨). (٣) «الرسالة المستطرفة» (ص ١٥٦). (٤) انظر مقدمة تحقيق «النهاية» (١/ ٨).

1 / 16

وذيَّل عليه: صفي الدين محمود الأرموي (١) (ت ٧٢٣ هـ). والسيوطي أيضًا بعنوان «التذييل والتذنيب على نهاية الغريب» وهو مطبوع، ومن المعاصرين: عبدالسلام علوش في «الذيل على النهاية في غريب الحديث والأثر» (٥٦٩ صفحة). كما اختصره: إبراهيم بن علي النووي، وسماه «قاموس البحر ونبراس الفجر ..»، واختصره: السيوطي بعنوان «الدر النثير» وقد أضاف إليه بعض الزيادات، وعيسى بن محمد الصفوي، (ت ٩٥٣ هـ) في قريب من نصف حجمه (٢)، واختصره أيضًا: علي بن حسام الدين المتقي (٣) (ت ٩٧٥ هـ)، واختصره من المعاصرين: إصلاح الدين حفني. (٤) ومن الخدمات للكتاب: «ابن الأثير المحدث ومنهجه في كتاب النهاية» لأميمة رشيد بدر الدين، رسالة دكتوراة في جامعة دمشق (١٩٩٣ م) - طبعت مؤخرًا في عام ١٤٣٥ هـ، جاءت في (٤٨٧ صفحة) ط. دارالنوادر اللبنانية ــ، و«منهج ابن الأثير في النهاية» أ. د. أحمد بن محمد الخراط، بحث منشور في «الشبكة العنكبوتية» - سبق ذكره في (ص ٢)، وكتاب «التأويل في غريب الحديث من خلال كتاب النهاية» د. علي بن عمر السحيباني.

(١) «كشف الظنون» (٢/ ١٩٨٩). (٢) «كشف الظنون» (٢/ ١٩٨٩). (٣) انظر: مقدمة تحقيق «النهاية» - ط. الطناحي - (١/ ١٢). (٤) «التأويل في كتب غريب الحديث ..» (ص ١٢٧)، وانظر «جامع الشروح والحواشي» للحبشي ... (٣/ ٢٠٣٧).

1 / 17

وهناك تخريج لأحاديث الكتاب في رسائل ما جستير «بحث تكميلي» في قسم الحديث في الجامعة الإسلامية في غزة. • سبب تأليفه: لما رأى أن كتاب «الغريبين» للهروي، والمتمم له «المجموع المغيث» لأبي موسى المديني، يقبلان الاستدراك والاضافة، مع صعوبة الوصول إلى المبتغى، رأى أن يجمع بينهما، ويجردهما من غريب القرآن، مع إضافة كل كلمة إلى أختها في بابها؛ تسهيلًا على الطالب، ثم يضيف ما يستدركه عليهما مما وقف عليه في بطون كتب السنة النبوية. (١) • مقدمة الكتاب: خير من يُبيِّن منهج الكتاب مؤلفه، فقد بيَّن ابن الأثير في مقدمته معالم في علم ... «غريب الحديث» وبين منهجه، تحدَّث فيها عن أهمية علم الحديث والأثر، وأنه ينقسم إلى قسمين، أحدهما: معرفة ألفاظه، والثاني: معرفة معانيه. ويرى أنَّ معرفة ألفاظه مقدمة في الرتبة؛ لأنها الأصل في الخطاب، وبها يَحْصُل التفاهمُ، فإذا عُرِفَتْ تَرَتَّبَتْ المعاني عليها، فكان الاهتمام ببيانها أولى. ويُقسِّم بعد ذلك الألفاظ إلى: مفردة ومركبة، ويرى أنَّ معرفة المفردة مقدمة على معرفة المركبة؛ ويقسم الألفاظ المفردة إلى قسمين: أحدهما خاص، والآخر عام. أمَّا العامُّ فهو: ما يشترك في معرفته جمهور أهل اللسان العربي، ممَّا يدور بينهم في الخطاب، وتناقلوه. وأمَّا الخاصُّ فهو: ما ورد فيه من الألفاظ اللغوية والكلمات الغريبة التي لا يعرفها

(١) بين ذلك في مقدمة كتابه.

1 / 18

إلا من عُني بها، فكان الاهتمام بمعرفة هذا النوع الخاص من الألفاظ أهمَّ ممَّا سواه، إذ الحاجة إليه ضروريةٌ في البيان ... ثم يتحدَّث المؤلف (١) عن أوَّلَ من جمع في هذا الفن: أبو عبيدة مَعْمَر بن المثنى، والمؤلفات بعده، مع تعليقات عليها موجزة، وينتقد بعض مناهجها في الشمول والترتيب، وغيره. ثم ذكر اعتماده على كتابين: «الغريبين للهروي»، و«المجموع المغيث» لأبي موسى المديني، مع الترتيب والإضافة عليهما. وينبِّه ابنُ الأثير القارئَ على أنَّ ما اقتبسه من كتاب الهروي ميّزَه بالحرف ... «هـ» بالحمرة، وما اقتبسه من كتاب أبي موسى ميّزه بالحرف «س»، وما أضافه من غيرهما أهمله بغير علامة؛ ليتميز ما فيهما عمّا ليس فيهما، كما أفاد القارئ بأنَّ جميع ما في كتابه ينقسم إلى قسمين: أحدهما: مضاف إلى مُسَمَّى، وقد يكون ذلك المسمَّى هو صاحب الحديث، أو يكون راويًا للحديث، أو يكون سببًا في ذكر ذلك الحديث فأُضيف إليه، أو يكون له فيه ذِكْرٌ عُرِفَ الحديث به. والثاني: غير مضاف إلى مُسَمَّى، والغالب عليه أنه من أحاديث رسول الله ﷺ إلا القليل الذي لا تُعْرَف حقيقته: هل هو من حديثه أو من حديث غيره (٢)؟ ثم يتحدث عن الترتيب المعجمي الذي سلكه، فقد التزم الحرف الأول والثاني من كل كلمة، وأتبع ذلك بالحرف الثالث من الكلمة على سياق الحروف.

(١) «النهاية» (١/ ٥). (٢) «النهاية» (١/ ١٢).

1 / 19

ثم يتحدث عن المشكلة التي واجهَتْه، وهي (١): (أني وجدت في الحديث كلماتٍ كثيرة في أوائلها حروف زائدة قد بُنِيت الكلمة عليها، حتى صارت كأنها من نفسها، وكان يلتبس موضعها الأصلي على طالبها)، ورأى أنَّ حَلَّ هذه المشكلة يكمن في (أن أثبتَها في باب الحرف الذي هو في أولها، وإن لم يكن أصليًا، ونَبَّهْتُ عند ذِكْرِهِ على زيادتِه؛ لئلا يراها أحد في غير بابها، فيظنُّ أنّي وَضَعْتُها فيه للجهل بها). • تأثره بمن قبله: كتاب «النهاية» امتداد لجهود من سبقه، اعتمد على السابقين، وأضاف كثيرًا، ف «كتاب الغريبين» لأبي عبيد الهروي (ت ٤٠١ هـ) فيه غريب القرآن والحديث، والعناية بالأسانيد، مرتب على حروف المعجم، جمع فيه كتاب أبي عبيد القاسم بن سلام، وابن قتيبة، وغيرهما، مع إضافات عليها، ثم جاء أبو موسى المديني ... (ت ٥٨١ هـ) فاستدرك ما فات الهروي بكتاب سماه «المجموع المغيث في غريبي القرآن والحديث»، فجاء ابن الأثير فجعلهما أصلًا، وأضاف عليهما كثيرًا، واستفاد أيضًا من «الفائق» للزمخشري، كما سبق في (ص ٦). • تأثيره فيمن بعده: لما كان كتاب «النهاية» اسما على مسمَّى، اعتمده من جاء بعده، واعتنوا به: نظمًا، واختصارًا، وتذييلًا - كما سبق في ذكر «الخدمات حول الكتاب» ــ. وممن استفاد من «النهاية» العلامة ابن منظور في كتابه «لسان العرب» فقد جعله أحد مصادره الخمسة التي اعتمد عليها.

(١) «النهاية» (١/ ١١).

1 / 20