مشارق الأنوار الوهاجة ومطالع الأسرار البهاجة في شرح سنن الإمام ابن ماجه
الناشر
دار المغني
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٧ هـ - ٢٠٠٦ م
مكان النشر
الرياض - المملكة العربية السعودية
تصانيف
ثم قال: "ادن يا أبا هريرة"، ثم قال: "ادن يا أبا هريرة"، فدنا حتى مست أطراف أصابع أبي هريرة أصابع النبي ﷺ، ثم قال له: "اجلس"، فجلس، فقال له: "أدن مني طرف ثوبك"، فمد أبو هريرة ثوبه، فأمسك بيده، ففتحه، وأدناه من النبي ﷺ، فقال له النبي ﷺ: "أوصيك يا أبا هريرة بخصال، لا تدعهن ما بقيت"، قال: أوصني ما شئت، فقال له: "عليك بالغسل يوم الجمعة، والبكور إليها، ولا تلغ، ولا تله، وأوصيك بصيام ثلاثة أيام من كل شهر، فإنه صيام الدهر، وأوصيك بركعتي الفجر، لا تدعهما، وإن صليت الليل كله، فإن فيها الرغائب"، قالها ثلاثا، ثم قال: "ضم إليك ثوبك"، فضم ثوبه إلى صدره، فقال: يا رسول الله بأبي وأمي أسر هذا، أو أعلنه؟ قال: "أعلنه يا أبا هريرة"، قالها ثلاثا، والحديث المذكور من علامات النبوة، فإن أبا هريرة كان أحفظ الناس للأحاديث النبوية في عصره.
وقال طلحة بن عبيد الله: لا أشك أن أبا هريرة سمع من رسول الله ﷺ ما لم نسمع. وقال ابن عمر: أبو هريرة خير مني، وأعلم بما يحدث. وأخرج النسائي بسند جيد في "العلم" من "كتاب السنن الكبرى" [٣/ ٤٤٠]: أن رجلا جاء زيد بن ثابت، فسأله عن شيء، فقال له زيد: عليك بأبي هريرة، فإني بينما أنا وأبو هريرة وفلان في المسجد ذات يوم، ندعو الله، ونذكر ربنا، خرج علينا رسول الله ﷺ، حتى جلس إلينا، فسكتنا، فقال: "عودوا للذي كنتم فيه"، قال زيد: فدعوت أنا وصاحبي، قبل أبي هريرة، وجعل رسول الله ﷺ يؤمن على دعائنا، ثم دعا أبو هريرة، فقال: اللهم إني أسألك مثل ما سألك صاحباي هذان، وأسألك علما لا ينسى، فقال رسول الله ﷺ: "آمين"، فقلنا: يا رسول الله ونحن نسأل الله علما لا ينسى، فقال: "سبقكم بها الغلام الدوسي". وأخرج الترمذي من طريق سعيد المقبري، عن أبي هريرة، قال: قلت: يا رسول الله إني أسمع منك أشياء لا أحفظها، قال: "ابسط رداءك"، فبسطته، فحدث حديثا كثيرا، فما نسيت شيئا حدثني به، وسنده صحيح، وأصله عند البخاري بلفظ: "فما نسيت شيئا سمعته بعدُ". وأخرج الترمذي أيضا عن عمر أنه قال لأبي هريرة: أنت
1 / 42