مشارق الأنوار الوهاجة ومطالع الأسرار البهاجة في شرح سنن الإمام ابن ماجه
الناشر
دار المغني
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٧ هـ - ٢٠٠٦ م
مكان النشر
الرياض - المملكة العربية السعودية
تصانيف
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي أن القول الأول هو الأرجح؛ لأنه صحّ قوله ﷺ: "إنا آل محمد لا تحلّ لنا الصدقة"، وقوله ﷺ: "إن هذه الصدقة إنما هي أوساخ الناس، وإنها لا تحلّ لمحمد، ولا لآل محمد". ووجه الاستدلال بهما أن الآل الذي طُلِبَ منا أن نصلّي عليهم إذا صلينا على النبيّ ﷺ هم الذين بينهم النبيّ ﷺ في هذين الحديثين، ونحوهما، فليُتنبّه. والله تعالى أعلم.
(وَصَحبِهِ) بالجرّ كسابقه، وهو اسم جمع لصاحب بمعنى الصحابيّ، كراكب ورَكْب. وقيل: جمع له، وهو من لقي النبيّ ﷺ مؤمنا به، ولو لم يرو عنه، ولم تطل مجالسته، كما قال في "ألفية الحديث":
حدّ الصَّحَابي مُسْلِمًا لاَقِي الرَّسُولْ ... وَإِنْ بِلاَ رِوَايةٍ عَنْهُ وَطُول
(وَمُحِبِّيهِ) أي محبي النبيّ ﷺ، وهم المتمسّكون بسنته، المقتفون لآثاره، وهم الذين يحبّون الله تعالى حقّ المحبّة، الذين فهموا الخطاب الموجّه إليهم بقول الله ﷿: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي﴾ [آل عمران: ٣١] حقّ الفهم، فنالوا بذلك ما وعدهم الله ﷿: ﴿يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ﴾ [آل عمران: ٣١]، فتحقّق لهم قوله تعالى في الحديث القدسيّ الذي أخرجه البخاريّ في "صحيحه" "من حديث أبي هريرة ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: "إن الله قال: من عادى لي وليًّا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله، ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت، وأنا أكره مساءته".
وعن أبي هريرة ﵁ عن النبي ﷺ قال: "إذا أحب الله عبدًا نادى جبريل: إن الله يحب فلانا فأحبه، فيحبه جبريل، فينادي جبريل في أهل السماء: إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في أهل الأرض". ﴿ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾ [الحديد: ٢١].
1 / 23