232

التعقيب على تفسير سورة الفيل للفراهي - ضمن «آثار المعلمي»

محقق

محمد أجمل الإصلاحي

الناشر

دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٣٤ هـ

تصانيف

﴿عَلَيْهِمْ﴾ (^١).
الوجه السادس: أنه لو كان المعنى: "ترميهم أنت" لكان جملة ﴿تَرْمِيهِمْ﴾ مستقلة عما قبلها ومناسبة لها. وهذا من التوسط بين الكمالين، وهو من مواضع الوصل. فحقه أن يقال فيه: "وأنت ترميهم"، ويتأكد ذلك هنا بدفعه الإلباس (^٢). فلما قال تعالى: ﴿وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ (٣) تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ﴾ تعيّن أن يكون المراد: ترميهم تلك الطير.
فإن قيل: قد ذكروا أن الحال قد تجيء مقدرة بأن تكون متأخرة عن عاملها، ومثّلوا له بقول الله ﷿: ﴿فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ﴾ [الزمر: ٧٣]. قالوا: التقدير: ادخلوها مقدَّرًا خلودكم.
قلت: حاصله أنّ قوله: ﴿خَالِدِينَ﴾ مجاز، لما كانوا مقطوعًا بخلودهم في المستقبل أطلق عليهم ﴿خَالِدِينَ﴾ في الحال من باب تنزيل ما عُلِم أنه سيقع، فإنما حاصل الخلود الاستمرار على الحال الحاصلة بالدخول. ولا يتأتى مثل هذا في ﴿تَرْمِيهِمْ﴾.
أيضًا فقد يحتمل أن يكون قوله: ﴿فَادْخُلُوهَا﴾ ضمّن معنى "اسكنوها". وعلى هذا فالمقارنة أبين، لأن معنى الخلود فيها هو إنما هو دوام سكناها.
فإن قيل: فقد ذكروا من أمثلة الحال المقدر قول الله ﷿: ﴿لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ

(^١) انظر: الفائدة الثالثة عشرة. [المؤلف].
(^٢) انظر: الفائدة الرابعة عشرة. [المؤلف].

8 / 199