الثامنة: وأجمع العلماء على أن الحر لا يجلد للعبد إذا افترى عليه لتباين مرتبتهما ولقوله ﵇: من قذف مملوكه بالزنا أقيم عليه الحد يوم القيامة إلا أن يكون كما يقول.
ولو لزمه الحد في الدنيا لبرئ به، ولما احتيج إلى حد الآخرة.
خرجه البخاري ومسلم، وفي بعض طرقه: «من قذف عبده بزنىً ثم لم يثبت أقيم عليه يوم القيامة الحد ثمانون» ذكره الدارقطني، قال العلماء: وإنما كان ذلك في الآخرة لارتفاع الملك واستواء الشريف والوضيع والحر والعبد، ولم يكن لأحدٍ فضل إلا بالتقوى، ولما كان ذلك تكافأ الناس في الحدود والحرمة، واقتص من كل واحدٍ لصاحبه إلا أن يعفو المظلوم عن الظالم، وإنما لم يتكافؤوا في الدنيا لئلا تدخل الداخلة على المالكين في مكافأتهم لهم فلا تصح لهم حرمة ولا فضل في منزلة، وتبطل فائدة التسخير حكمة من الحكيم العليم لا إله إلا هو.
التاسعة: قال مالك والشافعي: من قذف من يحسبه عبدًا فإذا هو حر فعليه الحد. وقاله الحسن البصري واختاره ابن المنذر، قال مالك:
لأن العبرة بحقيقة الحال والواقع.
ومن قذف أم الولد حدّ، وروي عن ابن عمر وهو قياس قول الشافعي، وقال الحسن البصري: لا حد عليه.
على الخلاف في العبرة بالحال أو المآل، إن نظرنا إلى الحال حكمنا عليها بأنها أمة، وإن نظرنا إلى المآل حكمنا عليها حرة، وقد أعتقها ولدها، والخلاف تبعًا لذلك، والجمهور على أن العبرة بالحال.
العاشرة: واختلف العلماء فيمن قال لرجل: يا من وطئ بين الفخذين، فقال ابن القاسم: عليه الحد لأنه تعريض، وقال أشهب: لا حد فيه، لأنه نسبة إلى فعل لا يعد زنىً إجماعًا.
الحادية عشرة: إذا رمى صبية يمكن وطؤها قبل البلوغ بالزنا كان قذفًا عن مالك وقال أبو حنيفة والشافعي وأبو ثور:
تقدم في البلوغ شرط، شرط في القاذف والمقذوف، وهنا يقول: إذا رمى صبيةً يمكن وطؤها قبل البلوغ بالزنا كان قذفًا عند مالك. والقول الثاني: هو الجاري على ما قرره سابقًا.
4 / 6