فيقول المفسر -رحمه الله تعالى-: ﴿الْحَمْدُ للهِ﴾ [(٢) سورة الفاتحة] جملة خبرية، وإذا قدرنا الأمر (قولوا) فتكون هذه الجملة في موقع مقول القول، وحينئذٍ يكون محلها النصب، فهي جملة خبرية قصد بها الثناء على الله ﷾، بلفظها أو بمضمونها؟ ويكون قصد بها الثناء على الله بمضمونها من أنه تعالى مالك لجميع الحمد، اللفظ: الحمد لله، وأيضًا قوله: قصد بها الثناء، هذا ما عليه الجمهور من تفسير الحمد بالثناء، فالحمد عندهم سواء كانوا من المفسرين أو من غيرهم يطلق ويراد به الثناء على الله ﷾، هذا إذا أضيف إلى الله، وإذا أطلق فالمراد به الثناء على المحمود بصفاته الاختيارية بخلاف الصفات الإجبارية، متى يحمد الإنسان؟ يحمد إذا كانت خصاله الاختيارية محلًا للحمد والثناء، أما الصفات الإجبارية كون الإنسان أبيض، كونه طويل أو قصير أو غير ذلك من الصفات الإجبارية التي لا يد له بها، يحمد عليها؟ لا، إنما يحمد على الصفات الاختيارية التي يستطيع فعلها، ويستطيع مفارقتها، وفسّر ابن جرير -رحمه الله تعالى- الحمد بالشكر خالصًا لله -جل ثناؤه- دون سائر ما يعبد من دونه، ودون كل ما برء من خلقه، بما أنعم على عباده من النعم التي لا يحصيها العدد، ولا يحيط بعددها غيره أحد، فالجمهور فسروا الحمد بالثناء، وابن جرير فسره بالشكر، وروى بسنده عن ابن عباس تفسير الحمد بالشكر، والسند إلى ابن عباس ضعيف، وأيضًا روى بسنده مرفوعًا إذا قلت: الحمد لله رب العالمين فقد شكرت الله فزادك، وسنده أيضًا ضعيف. تفسير الحمد بالشكر، وهو ما ذهب إليه ابن جرير معروف أنه على خلاف ما قال جمهور العلماء من أن الحمد غير الشكر، بين الحمد والشكر عموم وخصوص وجهي، فالحمد أعم مطلقًا، وأخص من وجه، أعم من وجه، وأخص من وجه، والشكر أعم من وجه، وأخص من وجه، فالحمد أعم من حيث المتعلق؛ لأنه ﷾ يحمد على كل حال، في مقابل النعم وفي غير مقابل النعم، بل لا يحمد على مكروهٍ سواه، فهو أعم من هذه الحيثية، فإذا أصاب المرء مصيبة قال: الحمد لله، لكن هل يشكر الله على هذه المصيبة؟ لا، فهو أعم من هذه الحيثية، وأخص من حيث تعلقه باللسان فقط، بخلاف
2 / 36