شرح حديث بول الأعرابي في المسجد، وذكر أسانيده وألفاظ رواياته
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [باب ترك التوقيت في الماء.
أخبرنا قتيبة قال: حدثنا حماد عن ثابت عن أنس: (أن أعرابيًا بال في المسجد فقام إليه بعض القوم، فقال رسول الله ﷺ: دعوه لا تزرموه.
فلما فرغ دعا بدلو فصبه عليه).
قال أبو عبد الرحمن: يعني: لا تقطعوا عليه].
في هذا الحديث أنه ﷺ أمر بصب الماء على البول، فدل على عدم التوقيت؛ لأن الدلو أقل من القلتين.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [أخبرنا قتيبة قال: حدثنا عبيدة عن يحيى بن سعيد عن أنس قال: (بال أعرابي في المسجد، فأمر النبي ﷺ بدلو من ماء فصب عليه).
وأخبرنا سويد بن نصر قال: حدثنا عبد الله عن يحيى بن سعيد قال: سمعت أنسًا يقول: (جاء أعرابي إلى المسجد فبال، فصاح به الناس، فقال رسول الله ﷺ: اتركوه.
فتركوه حتى بال، ثم أمر بدلو فصب عليه).
أخبرنا عبد الرحمن بن إبراهيم عن عمر بن عبد الواحد عن الأوزاعي عن محمد بن الوليد عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن أبي هريرة قال: (قام أعرابي فبال في المسجد، فتناوله الناس، فقال لهم رسول الله ﷺ: دعوه وأهريقوا على بوله دلوًا من ماء؛ فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين)].
هذا من حسن خلقه ﷺ، وهذا من الحكمة؛ فإن الأعرابي جاهل يحتاج إلى رفق، ولو كان عنده علم لما بال في المسجد، فلما بال في المسجد أراد الصحابة أن يزجروه، فقال النبي ﷺ: (لا تزرموه)، أي: لا تقطعوا عليه بوله، وهذا من الحكمة؛ لأنه لو تركهم فإنهم سيزجرونه، ولو زجر لقام، وإذا قام ستحصل مفاسد تتعلق بجسمه وبثيابه وبالمسجد، فإذا قطع البول أثر ذلك على صحته وجسمه، وسيصيب البول فخذيه وثيابه، وكذلك النجاسة تتعدد في أماكن من المسجد، ولذا تركه النبي ﷺ يبول في مكان واحد، لتسلم بقية المسجد من البول، وسلم جسمه من البول، وسلمت ثيابه من البول، وسلمت صحته؛ لأنه يؤثر عليه قطع البول، فلما انتهى أمر النبي ﷺ بذنوب من ماء فصب عليه، وقال ﷺ: (إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين) يعني: إنما بعث نبيكم للتيسير وعدم التعسير، وأنتم كذلك لأنكم أنتم المبلغون.
ولما رأى الأعرابي أن النبي ﷺ رفق به وعلمه وأن الصحابة زجروه قال: (اللهم ارحمني ومحمدًا ولا ترحم معنا أحدًا، فقال النبي ﷺ: (لقد تحجرت واسعًا).
4 / 5