شرح حديث جبريل في تعليم الدين
الناشر
مطبعة سفير،الرياض
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٤هـ/٢٠٠٣م
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
الرابعة: إيجاد كلّ ما هو كائنٌ وخَلْقُه بمشيئة الله، وفقًا لما علِمَه أزَلًا وكتبه في اللَّوح المحفوظ؛ فإنَّ كلَّ ما هو كائنٌ من ذوات وأفعال هو بخلْق الله وإيجاده، كما قال الله ﷿: ﴿اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ﴾، وقال: ﴿وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ﴾
والإيمانُ بالقدر هو من الغيب الذي لا يعلمه إلاَّ الله، ويُمكن أن يَعلَم الخلقُ ما هو مُقدَّرٌ بأحد أمرَين:
الأمر الأول: الوقوع، فإذا وقع شيءٌ عُلم بأنَّه مُقدَّر؛ لأنَّه لو لم يُقدَّر لَم يَقع، فإنَّه ما شاء الله كان وما لَم يشأ لَم يكن.
الثاني: حصولُ الإخبار من رسول الله ﷺ عن أمور تقع في المستقبل، مثل إخباره عن الدَّجَّال ويأجوج ومأجوج ونزول عيسى بن مريم، وغيرها من الأمور التي تقع في آخر الزمان، فهذه الأخبارُ تدلُّ على أنَّ هذه الأمور لا بدَّ أن تقع، وأنَّه سبق بها قضاءُ الله وقدَرُه، ومثل إخباره عن أمور تقع قرب زمانه ﷺ، ومن ذلك ما جاء في حديث أبي بَكرة ﵁ قال: سمعتُ النَّبيَّ ﷺ على المنبر، والحسن إلى جنبه، يَنظرُ إلى الناس مرَّة وإليه مرَّة، ويقول: "ابْنِي هذا سيِّد، ولعلَّ اللهَ أن يُصلحَ به بين فئتَين من المسلمين" رواه البخاري (٣٧٤٦) .
وقد وقع ما أخبرَ به الرسول ﷺ في عام (٤١هـ) حيث اجتمعت كلمةُ المسلمين، وسُمِّي عام الجماعة، والصحابةُ ﵃ وأرضاهم فَهموا من هذا الحديث أنَّ الحسن ﵁ لن يموتَ صغيرًا، وأنَّه سيعيش حتى يحصل ما أخبر به الرسول ﷺ من الصُّلح، وهو شيءٌ مقدَّرٌ، علم الصحابةُ به قبل وقوعه.
والله سبحانه خالقُ كلِّ شيء ومُقدِّرُه، قال الله ﷿: ﴿اللَّهُ خَالِقُ
1 / 62