شرح حديث جبريل في تعليم الدين
الناشر
مطبعة سفير،الرياض
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٤هـ/٢٠٠٣م
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
شيئًا أحبَّ إليهم من النظر إلى ربِّهم ﷿، ثم تلا هذه الآية ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ﴾ ".
وقوله تعالى: ﴿لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ﴾ وهو يدلُّ على إثبات الرؤية بدون إدراك، فهو يُرى ولا يُدرَك، أي: لا يُحاطُ به رؤيةً، كما أنَّه يُعلمُ ولا يُحاطُ به علمًا، ونفيُ الإدراك وهو أخصُّ، لا يستلزم نفي الرؤية وهي أعمُّ.
وقوله: ﴿وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا﴾، وموسى ﵊ سأل اللهَ أمرًا مُمكنًا، ولَم يسأله مستحيلًا، والله ﷿ شاء ألاَّ يُرَى إلاَّ في الدار الآخرة؛ لأنَّ رؤيتَه أكملُ نعيم يكون فيها، وقوله: ﴿لَنْ تَرَانِي﴾، أي: في الدنيا، ويدلُّ لذلك أيضًا قوله ﷺ: "تعلموا أنَّه لا يرى أحدٌ منكم ربَّه ﷿ حتى يموت" رواه مسلم (٢٩٣١) .
وقد ذكر ابن القيم ﵀ هذه الأدلَّة من الكتاب وغيرها في كتاب حادي الأرواح (ص:١٧٩ - ١٨٦)، ثم ذكر الأدلَّة من السُّنَّة عن سبعة وعشرين صحابيًّا، وساق أحاديثهم، ثم ذكر الآثارَ عن الصحابة والتابعين ومَن بعدهم من أهل السُّنَّة والجماعة، وهي تدلُّ على الاتِّفاق والإجماع على ذلك من الصحابة ومَن سار على طريقتهم.
السادسة: الإيمان بالقدر خيره وشرِّه، وقد جاء في القرآن آياتٌ كثيرةٌ، وفي السُّنَّة أحاديثُ عديدة تدلُّ على إثبات القَدر، قال الله ﷿: ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ﴾، وقال: ﴿قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ
1 / 59