شرح حديث جبريل في تعليم الدين
الناشر
مطبعة سفير،الرياض
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٤هـ/٢٠٠٣م
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
مِنْ أَهْلِ الْقُرَى﴾، قال ابن كثير في تفسير هذه الآية: "الذي عليه أهل السنَّة والجماعة - وهو الذي نقله الشيخ أبو الحسن علي بن إسماعيل الأشعري عنهم - أنَّه ليس في النساء نبيَّة، وإنَّما فيهنَّ صدِّيقات، كما قال تعالى مخبرًا عن أشرفهنَّ مريم بنت عمران، حيث قال تعالى: ﴿مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَامَ﴾، فوصفها في أشرف مقاماتها بالصدِّيقية، فلو كانت نبيَّةً لذَكَر ذلك في مقام التشريف والإعظام، فهي صدِّيقة بنصِّ القرآن".
وقال: "وقوله: ﴿مِنْ أَهْلِ الْقُرَى﴾، المراد بالقرى المدن، لا أنَّهم من أهل البوادي، الذين هم من أجفى الناس طبعًا وأخلاقًا، وهذا هو المعهود المعروف أنَّ أهل المدن أرقُّ طبعًا وألطفُ من أهل بواديهم، وأهل الريف والسواد أقربُ حالًا من الذين يسكنون في البوادي، ولهذا قال تعالى: ﴿الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا﴾ الآية، وقال قتادة في قوله: ﴿مِنْ أَهْلِ الْقُرَى﴾: لأنَّهم أعلم وأحلم من أهل العمود".
وهذا الذي جاء في هذه الآية من أنَّ الرسلَ من أهل القرى لا يُنافيه قول الله تعالى: ﴿وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ﴾؛ لأنَّه محمولٌ على أنَّ يعقوب نُبِّئ في المدن، وخرج بعد ذلك إلى البادية، أو أنَّه نزل في مكان يُقال له: بدا، أو أنَّ البدو الذي جاء منه يعقوب مستندٌ للحاضرة، فأُعطي حكمه، ذكر هذه الوجوه شيخنا محمد الأمين الشنقيطي ﵀ في كتابه: دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب، عند هذه الآية من سورة يوسف.
وأمَّا الفرق بين النَّبيِّ والرسول فقد اشتهر أنَّ النَّبيَّ هو مَن أُوحي إليه بشرع ولم يُؤمَر بتبليغه، والرسولَ هو مَن أُوحي إليه بشرع وأُمر بتبليغه،
1 / 35