شرح حديث جبريل في تعليم الدين
الناشر
مطبعة سفير،الرياض
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٤هـ/٢٠٠٣م
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
وكونه مهيمنًا على الكتب السابقة؛ قال الله ﷿: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ﴾، فهذه الآية تدلُّ على أنَّ القرآنَ مُهيمنٌ على الكتب السابقة، وسنَّة رسول الله شارحةٌ للكتاب وموضِّحة له، كما قال الله ﷿: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾، ولا بدَّ من العمل بما جاء في الكتاب والسُّنَّة، ومن كفر بالسُّنَّة فقد كفر بالقرآن، والله ﷿ فرض الصلوات الخمس والزكاة والصيام والحج، وبيانُها وبيان غيرها حصل بالسُّنَّة، فالله قد أمر بإقام الصلاة، وبيَّنت السُّنَّة أوقاتَ تلك الصلوات وعدد ركعاتها، وبيَّنت كيفياتها، وقال ﷺ: "صلُّوا كما رأيتُمونِي أُصلِّي" رواه البخاري (٦٣١) .
وأمر بإيتاء الزكاة، وبيَّنت السُّنَّة شروطَ وجوبها، وأنصباءها ومقاديرها، وأمر بالصيام، وبيَّنت السُّنَّة أحكامَه ومُفطِّراته.
وأمر بالحجِّ، وبيَّن الرسول ﷺ كيفياته، وقال: "لتأخذوا مناسككم، فإنِّي لا أدري لعلِّي لا أحجُّ بعد حَجَّتِي هذه" رواه مسلم (١٢٩٧) .
والقرآن وما سُمِّي فيه من الكتب وما لَم يُسمَّ كلُّ ذلك من كلام الله، فاللهُ متَّصفٌ بصفة الكلام أزَلًا وأبدًا، وهو متكلِّمٌ بلا ابتداء، ويتكلَّم بلا انتهاء؛ لأنَّه ﷾ لا بداية له ولا نهاية له، فلا بداية لكلامه ولا نهاية له، وصفةُ الكلام صفةٌ ذاتيَّة فعلية، فهي ذاتيَّةٌ باعتبار أنَّه لا بداية للاتِّصاف بها، وفعلية لكونها تتعلَّق بالمشيئة والإرادة، فكلامُه متعلِّقٌ بمشيئته، يتكلَّم إذا شاء، كيف شاء، وهو قديمُ النوع، حادثُ الآحاد، وقد كلَّم موسى في زمانه، وكلَّم نبيَّنا محمدًا ﷺ ليلة المعراج، ويُكلِّم أهلَ الجنَّة إذا دخلوا الجنَّة، وهذه من أمثلة آحاد الكلام
1 / 31