شرح حديث جبريل في تعليم الدين

عبد المحسن العباد ت. غير معلوم
22

شرح حديث جبريل في تعليم الدين

الناشر

مطبعة سفير،الرياض

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٤هـ/٢٠٠٣م

مكان النشر

المملكة العربية السعودية

تصانيف

السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾، فجمع في هذه الآية بين الإثبات والتنزيه، فالإثبات في قوله: ﴿وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾، والتنزيه في قوله: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾، فله ﷾ سمع لا كالأسماع، وبصر لا كالأبصار، وهكذا يُقال في كلِّ ما ثبت لله من الأسماء والصفات. وهذا التقسيم لأنواع التوحيد عُرف بالاستقراء من نصوص الكتاب والسُّنَّة، ويتَّضح ذلك بأوَّل سورة في القرآن، وآخر سورة؛ فإنَّ كلًاّ منهما مشتملةٌ على أنواع التوحيد الثلاثة. فأمَّا سورة الفاتحة، فإنَّ الآيةَ الأولى فيها، وهي: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ مشتملةٌ على هذه الأنواع؛ فإنَّ ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ﴾ فيها توحيد الألوهية؛ لأنَّ إضافةَ الحمد إليه من العباد عبادةٌ، وفي قوله: ﴿رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ إثبات توحيد الربوبيَّة، وهو كون الله ﷿ ربَّ العالمين، والعالَمون هم كلُّ مَن سوى الله؛ فإنَّه ليس في الوجود إلاَّ خالقٌ ومخلوق، والله الخالقُ، وكلُّ مَن سواه مخلوق، ومن أسماء الله الرب، وقبله لفظ الجلالة في هذه الآية. وقوله: ﴿الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ مشتملٌ على توحيد الأسماء والصفات، والرحمن والرحيم اسمان من أسماء الله يدُلاَّن على صفة من صفات الله، وهي الرَّحمة، وأسماءُ الله كلُّها مشتقَّةٌ، وليس فيها اسم جامد، وكلُّ اسم من الأسماء يدلُّ على صفة من صفاته. و﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾ فيه إثبات توحيد الربوبيَّة، وهو سبحانه مالك الدنيا والآخرة، وإنَّما خصَّ يوم الدِّين بأنَّ اللهَ مالكُه؛ لأنَّ ذلك اليوم يخضعُ فيه الجميعُ لربِّ العالَمين، بخلاف الدنيا، فإنَّه وُجد فيها من عتا وتَجبَّر، وقال: ﴿أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى﴾

1 / 26