شرح حديث جبريل في تعليم الدين
الناشر
مطبعة سفير،الرياض
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٤هـ/٢٠٠٣م
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
وشركه" رواه مسلم (٢٩٨٥)، وإذا فُقد الاتِّباع رُدَّ العمل؛ لقوله ﷺ: "مَن أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" رواه البخاري (٢٦٩٧)، ومسلم (١٧١٨)، وفي لفظ لمسلم: "من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد"، وهذه الجملة أعمُّ من الأولى؛ لأنَّها تشمل مَن فعل البدعة وهو مُحدثٌ لها، ومَن فعلَها متابعًا لغيره فيها.
ولا يُقال: إنَّ العمل إذا كان خالصًا لله، ولَم يكن مبنيًّا على سنَّة، وكان قصدُ صاحبه حسنًا أنَّه محمود ونافعٌ لصاحبه، ومِمَّا يدلُّ على ذلك أنَّ الرسول الكريم ﷺ قال للصحابيِّ الذي ذبح أضحيتَه قبل صلاة العيد: "شاتُك شاة لحم"، فلَم يعتبرها رسول الله ﷺ أضحية؛ لأنَّها ذبحت قبل ابتداء وقت الذبح الذي يبدأ بعد صلاة العيد، والحديث أخرجه البخاري (٥٥٥٦) ومسلم (١٩٦١)، وقد قال الحافظ في شرحه في الفتح (١٠/١٧): "قال الشيخ أبو محمد بن أبي جمرة: وفيه أنَّ العمل وإن وافق نيَّة حسنة لَم يصح إلاَّ إذا وقع على وفق الشرع".
وفي سنن الدارمي (١/٦٨ - ٦٩) أنَّ عبد الله بن مسعود ﵁ وقف على أناس في المسجد متحلِّقين وبأيديهم حصى، يقول أحدُهم: كبِّروا مائة، فيكبِّرون مائة، فيقول: هلِّلوا مائة، فيُهلِّلون مائة، ويقول: سبِّحوا مائة، فيُسبِّحون مائة، فقال: "ما هذا الذي أراكم تصنعون؟ قالوا: يا أبا عبد الرحمن! حصى نعدُّ به التكبير والتهليل والتسبيح، قال: فعُدُّوا سيِّئاتكم فأنا ضامن أن لا يضيع من حسناتكم شيء، وَيْحكم يا أمَّة محمد! ما أسرع هلكتكم! هؤلاء صحابةُ نبيِّكم ﷺ متوافرون، وهذه ثيابه لَم تَبْلَ، وآنيته لم تُكسر، والذي نفسي بيده! إنَّكم لعلى مِلَّة هي أهدى من ملَّة محمد ﷺ أو مفتتحو باب ضلالة؟! قالوا: والله يا أبا
1 / 19