مجموعة الرسائل والمسائل النجدية (الجزء الرابع، القسم الثاني)
محقق
الأولى، بمصر ١٣٤٩هـ/النشرة الثالثة، ١٤١٢هـ
الناشر
دار العاصمة،الرياض
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
الأعمى- قال: والأعمى كان قد طلب من النبي ﷺ أن يدعو له كما كان الصحابة يطلبون منه في الاستسقاء.
وقوله: "أتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة" أي: بدعائه وشفاعته لي، ولهذا قال في تمام الحديث: "اللهم فشفعه فيَّ" فالذي في الحديث مُتَّفَقٌ على جوازه، وليس هو مما نحن فيه. انتهى.
وقال ﵀ في موضع آخر: لفظ التوجه والتوسل يُرَادُ به: أن يتوجه بهم ويتوسل إلى الله بدعائهم وشفاعتهم، فهذا هو الذي جاء في ألفاظ السلف من الصحابة –﵃، كقول عمر: "اللهم إنا كنا إذا أجدبنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا، فيسقون"١ فهذا إخبار من عمر عما كانوا يفعلونه. وتوسلوا بالعباس كما كانوا يتوسلون بالنبي ﷺ وكذلك معاوية لما استسقى بأهل الشام توسل بيزيد.
ومن هذا الباب ما في البخاري عن عمر -رضياللهعنه- قال: ربما ذكرت قول الشاعر، وأنا أنظر إلى وجه النبي ﷺ يستسقي، فما ينزل حتى يجيش الميزاب:
وأبيضُ يُسْتَسْقَى الغَمَام بوجهه ... ثِمَال اليتامى عصمة للأرامل
دعاء النبي للأعمى الذي توسل به
ومن هذا الباب: حديث الأعمى، فإنه أتى النبي ﷺ فقال: ادع الله أن يعافيني. قال: "إن شئت دعوت، وإن شئت صبرت فهو خير لك" قال: ادع الله، فأمره أن يتوضأ فيحسن الوضوء، ويدعو هذا الدعاء "اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد -نبي الرحمة-، يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي في حاجتي هذه لِتُقْضَى اللهم فشفعه فيَّ" فأمره أن يطلب من الله أن يشفع فيه النبي ﷺ وإنما يكون طلبا لتشفيعه فيه إذا شفع فيه فدعا الله له.
وكذلك في أول الحديث أنه طلب من النبي ﷺ أن يدعو له. فدل الحديث على أن النبي ﷺ شفع له ودعا له، وأن النبي ﷺ أمره هو أن يدعو الله وأن
_________
١ البخاري: الجمعة "١٠١٠".
1 / 626