مجموعة الرسائل والمسائل النجدية (الجزء الرابع، القسم الثاني)
محقق
الأولى، بمصر ١٣٤٩هـ/النشرة الثالثة، ١٤١٢هـ
الناشر
دار العاصمة،الرياض
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
ﷺ: "توضأ وصل ركعتين ثم قل: اللهم إني أتوجه إليك بنبي محمد، نبي الرحمة إني أتشفع به إليك في رد بصري، اللهم شَفِّع نبيي فيَّ " ففعل ذلك، فرد الله عليه بصره وقال له: " إذا كانت لك حاجة فبمثل ذلك فافعل"انتهى.
فهذا الحديث بهذا اللفظ لا حجة فيه للمبطل؛ لأن غايته أنه توسل بالنبي ﷺ، وساقه الترمذي ﵀ بسياق قريب من هذا. فقال: حدثنا محمد بن غيلان ثنا عثمان بن عمر ثنا شعبة عن أبي جعفر عن عمارة بن خزيمة بن ثابت عن عثمان بن حنيف: "أن رجلا ضرير البصر أتى النبي ﷺ فقال: ادع الله لي أن يعافيني، قال "إن شئت دعوتُ وإن شئتَ صبرتَ فهو خير لك" قال فادعه فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه ويدعو بهذا الدعاء: "اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، إني توجهت بك إلى ربي في حاجتي هذه لِتُقْضَى اللهم فَشَفِّعْهُ فيَّ" ١ هذا حديث حسن صحيح غريب، لا نعرفه إلا من حديث أبي جعفر، وهو غير الخَطمي. انتهى.
هذا لفظه بحروفه، وفي نسخة أخرى: "إني توجهت به إلى ربي" وليست هذه اللفظة في الحديث في سياق هؤلاء الأئمة أعني قوله: يا محمد، التي هي غاية ما يتعلق به المبطلون.
"الوجه الثالث" أن يقال: على تقدير صحة هذه اللفظة فليس فيها ما يدل على دعاء النبي ﷺ بعد موته، ولو كان فيها ما يدل على ذلك لفعله الصحابة ﵃، فلما ثبت أن الصحابة لم يفعلوه، بل ولا أجازوه علمنا أنه ليس في ذلك دلالة.
فيبقى أن يقال ما معناه؟ فنقول:
ذكر العلماء في معناه قولين: "أحدهما" أنه توسل بالنبي ﷺ فيدل على جواز التوسل به ﷺ في حياته وبعد وفاته، إلا أن التوسل ليس فيه دعاء له ولا استغاثة به، وإنما سؤال الله بِجَاهِهِ، وهذا ذكره الفقيه أبو محمد العز بن عبد السلام في فتاويه، فإنه أفتى بأنه لا يجوز التوسل بغير النبي ﷺ قال: وأما التوسل به ﷺ: فجائز إن صح الحديث فيه- يعني حديث الأعمى.
_________
١ الترمذي: الدعوات "٣٥٧٨"، وابن ماجه: إقامة الصلاة والسنة فيها "١٣٨٥".
1 / 623