مجموع فتاوى ومقالات متنوعة - ابن باز
الناشر
رئاسة إدارة البحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية
تصانيف
ذكر علماء التفسير ﵏ أن هذه الآية نزلت في جماعة كانوا مع النبي ﷺ في غزوة تبوك، قال بعضهم: ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطونا ولا أكذب ألسنا، ولا أجبن عند اللقاء. وقال بعضهم: أتحسبون جلاد بني الأصفر كقتال العرب بعضهم بعضا، والله لكأنا بكم غدا مقرنين في الحبال، قال بعضهم: يظن هذا أن يفتح قصور الروم وحصونها، هيهات، فأنزل الله قوله سبحانه: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ﴾ (١) ﴿لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ﴾ (٢) الآية، فجاءوا إلى الرسول ﷺ يعتذرون ويقولون: إنما كنا نخوض ونلعب، ونتحدث حديث الركب نقطع به عنا الطريق، فلم يعذرهم، بل قال لهم ﵊: ﴿أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ﴾ (٣) ﴿لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ﴾ (٤) فإذا كان هذا الكلام، الذي قاله هؤلاء يعتبر استهزاء بالله وآياته ورسوله، وكفرا بعد إيمان، فكيف بحال من قال في القرآن العظيم: إنه متناقض أو مشتمل على بعض الخرافات، أو قال في الرسول ﷺ: إنه إنسان بسيط لا يميز بين الحق والخرافة، لا شك أن من قال هذا هو أقبح استهزاء، وأعظم كفرا!.
(١) سورة التوبة الآية ٦٥ (٢) سورة التوبة الآية ٦٦ (٣) سورة التوبة الآية ٦٥ (٤) سورة التوبة الآية ٦٦
ذكر كلام العلماء فيمن طعن في القرآن الكريم أو الرسول عليه أفضل
الصلاة والتسليم أو استهزاء بهما، أو سب الله، أو الرسول ﷺ
قال الإمام أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي في تفسيره (الجامع لأحكام القرآن) عند تفسير هذه الآية ما نصه: (قال القاضي: أبو بكر بن العربي: لا يخلو أن يكون ما قالوه في ذلك جدا أو هزلا وهو كيف ما كان كفر، فإن الهزل بالكفر كفر لا خلاف فيه بين الأمة) انتهى المقصود.
1 / 91