توضيح مقاصد العقيدة الواسطية
الناشر
دار التدمرية
الإصدار
الثالثة
سنة النشر
١٤٣٢ هـ
تصانيف
حساب المؤمن الذي غفر الله له ذنوبه إنما هو عرض أعماله عليه؛ ويسترشد إلى هذا بقول الشيخ: يحاسب الله الخلق، ويخلو بعبده المؤمن فيقرره بذنوبه إلى آخره.
وقول الشيخ"كما وصف ذلك في الكتاب والسنة".
هذه الكلمة عامة وهي: إشارة إلى دليل قوله: "ويحاسب الله الخلق ويخلو بعبده المؤمن" فمن أمور الحساب ما دل عليه القرآن، كما في الآيات التي ذكرتُها، ومنها ما دلت عليه السنة، والفقرة الثانية إنما جاءت بها السنة، فالرسول ﷺ أخبر " أن الله يدني عبده المؤمن حتى يضع عليه كنفه فيقرره بذنوبه، ثم يقول له: إني سترتها عليك في الدنيا، وأنا أغفرها لك اليوم " (١).
يقول الشيخ: "وأما الكفار فلا يحاسبون محاسبة من توزن حسناته وسيئاته؛ لأنه لا حسنات لهم " ولكونهم لا حسنات لهم؛ لا يحاسبون محاسبة من توزن حسناته وسيئاته؛ لأن من له حسنات وسيئات توزن أعماله؛ فقد ترجح الحسنات فينجو، وقد ترجح السيئات، فيستوجب العذاب.
وقول الشيخ: "وأما الكفار فلا يحاسبون محاسبة من توزن حسناته، بل تحصى أعمالهم فيوقفون عليها، ويقرون بها ويجزون بها " كأن هذه العبارة تُشْعِر بأن أعمالهم لا توزن (٢)، والقرآن ظاهره - والله أعلم - أن الكفار توزن أعمالهم؛ فتخف موازينهم قال الله ﵎ ﴿فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ * تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ﴾ [(١٠٢ - ١٠٤) سورة المؤمنون] الآيات، ونظائر هذا في القرآن متعددة، فالذين تخف موازينهم؛ يبوؤون بالشقوة، وهم الذين يقولون: ﴿رَبَّنَا غَلَبَتْ
(١) [رواه البخاري (٦٠٧٠)، ومسلم (٢٧٦٨) من حديث ابن عمر ﵄].
(٢) [انظر: التذكرة ٢/ ٧٢٠، وفتح الباري ١٣/ ٥٣٨].
1 / 177