توضيح مقاصد العقيدة الواسطية
الناشر
دار التدمرية
رقم الإصدار
الثالثة
سنة النشر
١٤٣٢ هـ
تصانيف
والمعطلة من الجهمية والمعتزلة يقولون: هذا القرآن مخلوق خلقه الله إما في الهواء أو في نفس جبريل أو كيفما كان (١)، وأهل السنة يؤمنون بأنه كلام الله حقيقة منزل غير مخلوق منه بدا - أي ـ: ظهر القرآن من الله، وسُمع من الله كلاما تكلم به سبحانه كيف شاء.
فالله يتكلم بالوحي كيف شاء، ويتلقاه عنه من شاء من ملائكته، وجبريل هو الموكل بالوحي كما في آيات كثيرة منها: ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ﴾ [(١٩٣) سورة الشعراء] وجبريل هو الروح الأمين، بل قال سبحانه: ﴿إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ * مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ﴾ [(١٩ - ٢١) سورة التكوير].
وقول الشيخ "وإليه يعود" يشير إلى رفعه في آخر الزمان حين يرفع القرآن من المصاحف والصدور كما جاء ذلك في كثير من الآثار (٢)؛ لأنه قرب قيام الساعة يُقبض المؤمنون، فلا يبقى في الأرض أحد يقول: الله الله (٣).
وهذا معنى قول أهل السنة: وإليه يعود.
إذا القرآن هو كلام الله حقيقة لا مجازا، والذين ينفون الكلام عن الله مطلقا يقولون: إنه ليس كلام الله حقيقة بل إضافته إليه من قبيل إضافة المخلوق إلى خالقه.
(١) [انظر: ص ١١٧].
(٢) [انظر جملة منها في: مصنف عبدالرزاق ٣/ ٣٦٢، ومصنف ابن أبي شيبة ١٥/ ٥٢٨، وسنن الدارمي ٢/ ٨٩٥، والدر المنثور ٥/ ٣٣٤ - ٣٣٦. وذكر شيخ الإسلام في مناظرة الواسطية ٣/ ١٧٤: أن الحافظ أبا الفضل بن ناصر، والحافظ أبا عبد الله المقدسي جمعا ما في ذلك من الآثار عن النبي ﷺ، والصحابة، والتابعين].
(٣) [روى مسلم (١٤٨) عن أنس ﵁ عن النبي ﷺ: " لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض: الله الله."وفي رواية:" لا تقوم الساعة على أحد يقول: الله الله"].
1 / 163