فَهَذهِ الأبْيَاتُ لَا تُفْهَمُ مَعَانيهَا إِلَّا سَماعًا. ورُبَّما كانَتْ لَهَا نَظَائرُ فِي أشعْارِ المُحْدثينَ من وَصْفِ أشْيَاءَ تَعْرضُ فِي حَالاتٍ غامِضَةٍ؛ إِذَا لم تَكُن المعرفَةُ بهَا مُتَقَدِّمةً عَسُرَ اسِتنْبَاطُ مَعَانيها، واسْتُبْرِدَ المَسْمُوعُ مِنْهَا كَقَوْلِ أبي تَمام:
(تِسْعُون ألفا كأسادِ الشَّرى نَضِجَتْ ... أعْمَارُهُمْ قَبْلَ نُضْجِ التِّين والعِنَبِ
وكَانَ القومُ الَّذين وَصفَهُمْ يَتَواعَدوُن الجَيْشَ الَّذِي كَانَ بإزائِهم بالقتالِ، وأنّ مِيعادَ فَنَائِهم وَقْتُ نُضْجِ التِّين والعِنَبِ - وَكَانَت مدةُ ذَلِك قريبَة فِي ذَلِك الوَقْت - فَلَمَّا ظُفِرَ بهم حَكَى الطَّائيُّ قولَهُمْ على جِهَةِ التَّقريعِ والشَّماتة. وَلَوْلَا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ فِي هَذَا الْمَعْنى لكانَ مَا أوردَه من أبْرَدِ الكَلام وأغَثِّهِ. على أنَّ قَوْله:
(... ... ... ... ... ... ... . . نَضِجَتْ ... أعْمَارُهُمْ ... ... ... ... ... ...)
(لَيْسَ بمُسْتَحْسَنٍ وَلَا مَقْبُولٍ ...
1 / 66