(تَفَاضُل الأشْعَار)
والشِّعرُ على تَحْصيل جِنْسِهِ، ومَعْرفةِ اسمهِ - مُتَشابهُ الجُمْلة مُتَفَاوتُ التَّفْصِيل، مختلّف كاختلاف النَّاس فِي صُوَرهم وأصْوَاتهم وعُقَولهم وحُظُوظهم وشَمَائِلهم وأخْلاقِهم، فهم مُتَفاضِلُون فِي هَذِه المَعَاني، وَكَذَلِكَ الأشْعَارُ هِيَ متفاضِلَةٌ فِي الحُسْنِ على تَسَاويهَا فِي الجِنْسِ. ومواقِعُها من اخْتِيَار النَّاس إِيَّاهَا كَمواقِع الصُّور الحَسَنة عِنْدهم واختيارِهْم لما يَسْتحسِنونه مِنْهَا، ولِكُلِّ اختيارٌ يُؤثُرهُ، وهَوَىً يَتْبعُهُ وبِغْيَةٌ لَا يَسْتبِدلُ بهَا وَلَا يُؤْثِرُ عَلَيْهَا.
وَقد جَمَعْنَا مَا اخْتَرْنَاهُ من أشْعَار الشُّعَراء فِي كتاب سَمَّيناهُ " تَهْذيب الطَّبْع " لَيْرتاضَ مَنْ تَعَاطَى قَوْل الشِّعر بالنَّظَر فِيهِ ويَسْلُكَ المِنْهَاجَ الَّذِي سَلَكَهُ الشُّعَراءُ، ويتناوَلَ المَعَاني اللطيفَةَ كتنَاوُلهم إيَّاهَا فَيَحْتَذِيَ على تِلْكَ الْأَمْثِلَة فِي الفُنُون الَّتِي صَرَّفوا أقوالَهُمْ فِيهَا. واقْتَصَرنا على مَا اخْتَرْنَاهُ - من غَيْر نَفْي لما تَرَكْنَاهُ بل لاسِتحسَانٍ لَهُ خَصَصْنَاه بِهِ دون مَا سواهُ. وَقد شَذَّ عنَّا الكَثِيرُ مِمَّا وَجَبَ اختيارُهُ وإيثارُهُ، وَإِذا استفَدْناهُ ألْحَقْنَاهُ بِمَا اختَرْناه - إِن شاءَ الله تَعَالَى.
1 / 10