العقد الثمين في تبيين أحكام الأئمة الهادين
تصانيف
فهذه النكته فيها علم نافع لمن تأمله بعين الإنصاف، ولأن القطعية قد ادعت على الواقفة، والناووسية، وأمثالهم ممن ادعى مغيب الواحد المنتظر، وقالوا: ذهبوا إلى ماعلم خلافه ضرورة فإن المذكورين علم موتهم، ومثل هذه الحجة تقوم عليهم في الإمام الذي ادعوا مغيبه، وسموه محمدا، وبعضهم لم يسمه لأن الحسن بن علي عليه السلام كان أمره ظاهر السنة، وحاله لأم ولد تدعى سليل النوبية، ولد سنة ثمان وثلاثين ومائتين، وتوفي في جمادى الأولى من سنة ستين ومائتين [وله اثنان وعشرون سنة ووفاته مشهورة](1)، ولا يعلم له ولدا مات عنه، ولا يوجد له أثر في شيء من كتب أنساب [آل](2) رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولا نعرف(3) ميراثه، ولا تراثه إلا في أولاد جعفر بن الحسن رحمة الله عليه، ومثل ما ادعوا لم يمكن دعواه لأمر يسير وهو تراث الدنيا بعد النزاع الشديد، واشتهار الحال، والإجهاد(4) في الطالب، فكيف يصح(5) دعوى الإمامة، وهي من أصول الدين العظيمة.
ولأن الشرائط المعتبرة(6) في الإمام فرع على العلم به، والعلم بذلك مفقود، والإمامية وإن كثرت فادعاؤها وجوده لاينتهي إلى المشاهدة، وإنما ينتهي إلى الإعتقاد الذي يقع فيه الإلتباس.
فأما الصفات وما ذهبوا إليه من الإستدلال على وجوب الإمامة عقلا، وملازمتها لجميع أوقات التكليف، ووجوب العصمة، وأن يكون أفضل الخلق، وأن يكون منصوصا عليه، وأن يظهر المعجز على يديه، فقد تكلمنا على هذه الوجوه فيما تقدم، وإنما نزيد الأمر بيانا، والمذهب برهانا.
صفحة ٢٨٠