العقد الثمين في تبيين أحكام الأئمة الهادين
تصانيف
[بعض الأدلة على عدم علم أمير المؤمنين بالغيب]
لما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكان من الناس في أمر علي عليه السلام من التقديم عليه بعد ورود النص فيه ما كان، وكان [من](1) أمر مغانم الخمس إليه على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبعده، فلما توالت الفتوح وكثرت الأموال وغلظت جنود المسلمين واحتاجوا إلى النفقة دعاه عمر إلى مال من الخمس عظيم، فقال: يا علي، هذا حقك، أو قال: حقكم، فقال علي عليه السلام: إن بنا عنه غنى(2)، وبالمسلمين إليه حاجة ففرقه فيهم، فقال له عمه العباس رضي الله عنه: شيء في يدك، أوقال: في أيدينا تخرجه إلى القوم، والله لا رجع إليك، أو قال: إلينا أبدا، فكان كما قال العباس، قال علي عليه السلام بعد ما بويع له: والله ما دعيت إليه حتى قمت مقامي هذا، فلو كان يعلم الغيب كما قالوا لكان إعطاؤه لهم الخمس من المعاصي العظيمة، ولكن حسن الظن بهم فخانه ظنه، ومن ذلك فعل معاوية اللعين وكيده في قيس بن سعد بن عبادة لما ولي مصر واستحكم أمره فيها، وكاد معاوية، وكان من دهاة العرب فصار معاوية بين شفرتي الجلم مصر والعراق.
صفحة ١٥٩