تحب إنما الشأن أن تحب، ﴿وَيَغْفِرْ لكُمْ ذُنُوبَكُمْ﴾ بإتباعكم للرسول ﷺ والعمل على منهاجه، والأخذ بما جاءكم به، وترك ما نهاكم عنه، فهذا حقيقة الإتباع الذي رتب الله عليه لمن اتصف به المحبة، التي هي غاية المطلوب للمحب من المحبوب، التي يندرج تحتها التجاوز عن الذنوب ﴿غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ لكل من لقيه لا يشرك به شيئا، ﴿رَحِيمٌ﴾ بعباده المؤمنين.
﴿قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ﴾ (النور: من الآية ٥٤) أمر ﷻ كل خاص وعام أن يطيعه في جميع ما أنزل من الأمر والنهي وسائر الأحكام.
﴿وَأَطِيعُوا الرَّسُول﴾ (النساء: من الآية ٥٩) قرن سبحانه طاعته فيما أنزل بطاعة رسوله فيما بيَّن وفصَّل. ﴿فَإِنْ تَوَلَّوْا﴾ تخالفوا وتعرضوا عن أمره المبين، ﴿فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ﴾ فدل على أن مخالفته في الطريقة كفر صراح في الحقيقة، والله-تعالى- لا يحب من اتصف بالكفر ورجسه، وإن ادَّعى وزعم أنه يحب الله ويتقرب إليه في نفسه، حتى يتابع خاتم الرسل ورسوله إلى العالم جنِّه وإنسه، الذي لو كان الأنبياء بل المرسلون بل أولو العزم المرسلون من إخوانه لما وسعهم إلا إتباعه، والدخول في طاعته وإتباع شريعته في زمانه (١) . فقد تبيَّن بما ذكرناه، واتَّضح بما قرَّرناه، أنَّ كلُّ من ادعى محبة الله الكريم ولم يتبع شرع نبيه القويم، فهو على غير الصراط المستقيم، بل هو كاذبٌ في دعواه، مؤثر على الحقِّ متابعة هواه، قد تيمَّم الطريق المعوجَّ، وسلك أقبح المنهج، ومع كونه توسط من الضلال سننًا، يرى سوء عمله حسنًا. وأي محبة تجدي والمحب المدعي يعصي محبوبه، ولا يحصل قصده ومطلوبه، بل يخالفه ويتعدى حدوده، ويجعل من دونه حبه وإلهه ومعبوده.
_________
(١) انظر تفسير كثير.
1 / 95