وعن ابن عمر ﵄ قال: أخذ رسول الله ﷺ ببعض جسدي فقال: "اعبد الله كأنك تراه" خرجه النسائي (١) . وحديث زيد بن أرقم: "كن كأنك ترى الله، فإن لم تكن تراه فإنه يراك" (٢) .وغير ذلك من الأحاديث.
قوله ﷺ: "فإن لم تكن تراه فإنه يراك" يحتمل أن يكون التعليل إشارة إلى مقام الإخلاص وهو أن يعمل العبد على استحضار مشاهدة الله إياه واطلاعه عليه وقربه، فإذا استحضر العبد هذا في عمله فهو مخلص لله تعالى لأن استحضاره ذلك في عمله يمنعه من الالتفات إلى غير الله وإرادته بعمله، ويحتمل أن يكون إشارة إلى مقام المشاهدة وهو أن يعمل العبد على مقتضى مشاهدته لله تعالى بقلبه وذلك أن يتنور القلب بالإيمان وتنفذ البصيرة في العرفان حتى يصير الغيب كالعيان وهذا هو حقيقة مقام الإحسان (٣) .
وقد فسر طائفة من العلماء المثل العلى في قوله ﷻ: " ﴿وَلهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ (الروم: من الآية ٢٧) بهذا المعنى، وفي الحديث: "أفضل الإيمان أن تعلم أن الله معك حيث كنت" (٤) وحديث أبي أمامه عن النبي ﷺ قال: "ثلاثة في ظل الله يوم لا ظل إلا ظله: رجل حيث توجه
_________
(١) في الرقاق من الكبرى كما في التحفة (٥/٤٨١) ولم أعثر عليه في المطبوع من الكبرى. وأخرجه أيضا: أحمد (٥/٣٥٨/٣٩٩) ورقمه (٦١٥٦) وصححه أحمد شاكر.
(٢) رواه أبو نعيم في الحلية (٨/٢٠٢) بلفظ "اعبد الله كأنك تراه".
(٣) انظر: جامع العلوم والحكم (١/١٢٩) .
(٤) رواه الطبراني في الكبير والأوسط، وقال: تفرد به عثمان بن كثير، وقال الهيثمي في المجمع (١/٦٠) .
1 / 55