العقد التليد في اختصار الدر النضيد = المعيد في أدب المفيد والمستفيد

عبد الباسط بن موسى بن محمد بن إسماعيل العلموي ثم الموقت الدمشقي الشافعي (المتوفى: 981هـ) ت. 981 هجري
78

العقد التليد في اختصار الدر النضيد = المعيد في أدب المفيد والمستفيد

محقق

الدكتور/ مروان العطية

الناشر

مكتبة الثقافة الدينية

رقم الإصدار

الأولى ١٤٢٤هـ

سنة النشر

٢٠٠٤م

ومنها: أن يبحث عما يفسد الأعمال، ويشوش القلب، ويهيج الوسواس، ويثير الشر، فإن أصل الدين التوقي من الشر؛ ولذلك قيل: اعرف الشر لا للشر، لكن لتوقيه، ومن لا يعرف الشر من الناس يقع فيه١، وقيل لحذيفة ﵁: نراك تتكلم بكلام لا يسمع من غيرك من الصحابة! فمن أين أخذته؟ قال: خصني به رسول الله ﷺ كان الناس يسألونه عن الخير، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن أقع فيه، وعلمت أن الخير لا يسبقني، وقال مرة: فعلمت أن من لا يعرف الشر، لا يعرف الخير، فكان عمر وعثمان وأكابر الصحابة يسألونه عن الفتن العامة والخاصة، وكان يُسأل عن المنافقين فيخبر بأعداد من بقي، ولا يخبر بأسمائهم، وكان عمر يسأله عن نفسه: هل يعلم بها شيئا من النفاق، فبرأه من ذلك، وكان -أعني عمر ﵁ إذا دُعي إلى جنازة نظر، فإن حضر حذيفة صلى عليها وإلا ترك، وكان حذيفة ﵁ يُسمى صاحب السر بالسين المهملة٢. ومنها: وهو من أعظم الأسباب المعينة على الاشتغال والفهم وعدم الملالة، أكل القدر اليسير من الحلال الذي لا شبهة فيه، قال الشافعي ﵁: ما شبعت منذ ست عشرة٣ سنة، وسبب ذلك أن كثرة الأكل جالبة لكثرة الشرب، وهي جالبة للنوم والبلادة، وفتور الحواس والكسل، هذا مع ما فيه من الكراهة الشرعية، والتعرض لخطر الأسقام البدنية كما قيل "من الوافر":

١ أبجد العلوم ١/ ١٤٣. ٢ البخاري ٣/ ١٣١ و٦/ ٢٥٩٥، ومسلم ٣/ ١٤٧٥، وانظر الاستيعاب ١/ ٣٢٤، وأسد العابة ١/ ٣٩٠، والمستدرك ١/ ١٩٧، و٢٠٩، ٤/ ٤٧٢ و٤٧٨ و٤٧٩، والسنن الكبرى ٨/ ١٥٦، والسير ٢/ ٣٦١، والإصابة ترجمة رقم ١٦٥٢ "٢/ ٣٩". ٣ تذكرة السامع والمتكلم ٧٤، والحلية ٩/ ١٢٧، وجامع العلوم والحكم ١/ ٤٢٨، وتهذيب الأسماء ١/ ٧٥.

1 / 96