آخرته وهو مقبل على دنياه، وما يضره أحب إليه مما ينفعه؟ كيف يكون من أهل العلم من يطلب الكلام ليخبر به، ولا يطلبه ليعمل به؟ ١
وعن علي ﵁: يا حملة العلم، اعملوا به فإنما العالم من عمل بما علم، ووافق علمه عمله، وسيكون أقوام يحملون العلم لا يجاوز تراقيهم يخالف علمهم عملهم، وتخالف سريرتهم علانيتهم، يجلسون حلقا فيباهي بعضهم بعضا حتى إن الرجل ليغضب على جليسه أن يجلس إلى غيره ويدعه، أولئك لا تصعد أعمالهم في مجالسهم تلك إلى الله٢.
وعن عمر بن الخطاب ﵁: تعلموا العلم وعلموه الناس، وتعلموا الوقار والسكينة، وتواضعوا لمن تعلمتم منه العلم، وتواضعوا لمن علمتموه العلم، ولا تكونوا جبابرة العلماء، فلا يقوم علمكم بجهلكم٣.
وعن ابن سيرين٤: سبعة يهلكون بسبعة: أهل البادية بالجفاء، وأهل القرى بالجهل، والعرب بالعصبية، والدهاقين٥ بالكبر، والسلاطين بالظلم، والتجار بالكذب، والعلماء بالحسد.
وعن سفيان الثوري٦ قال: بلغني أن الله تعالى يقول: إن أهون ما أصنع بالعالم إذا آثر الدنيا أن أنزع حلاوة مناجاتي من قلبه.
_________
١ مسند الدارمي ١/ ٣٧٥ حديث رقم ٣٨٠، وشعب الإيمان ٢/ ٣١٤، وحلية الأولياء ٦/ ٢٧٩-٢٨٠، وأخرجه أحمد في الزهد ص٧٥.
٢ مسند الدارمي ١/ ٣٨٢-٣٨٣، واقتضاء العلم العمل رقم٩، والجامع لأخلاق الراوي رقم ٣٢١، وجامع بيان العلم رقم ١٢٣٧.
٣ شعب الإيمان ٢/ ٢٨٧ رقم ١٧٨٩، وانظر كنز العمال رقم ٢٩٣٤٨، وجامع بيان العلم ١/ ١٣٥.
٤ هو أبو بكر، محمد بن سيرين البصري الأنصاري بالولاء: إمام وقته في علوم الدين بالبصرة، تابعي، من أشراف الكتاب، نشأ بزازا، في أذنه صمم، وتفقه وروى الحديث، واشتهر بالورع وتعبير الرؤيا، واستكتبه أنس بن مالك بفارس، مولده ووفاته بالبصرة سنة ١١٠هـ. تاريخ بغداد ٥/ ٣٣١، والأعلام ٦/ ١٥٤.
٥ الدهاقين هم رؤساء القرى.
٦ هو أبو عبد الله، سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري: أمير المؤمنين في الحديث، كان سيد أهل زمانه في علوم الدين والتقوى، ولد ونشأ في الكوفة، وسكن مكة والمدينة، وكان آية في الحفظ، مات في البصرة سنة ١٦١هـ. ابن خلكان ٢/ ٣٨٦، والأعلام ٣/ ١٠٤.
1 / 57