العقد المنظوم في ذكر أفاضل الروم

علي بن بالي منق ت. 992 هجري
92

العقد المنظوم في ذكر أفاضل الروم

الناشر

دار الكتاب العربي - بيروت

سنتين ولما قصد السلطان الاعظم سليمان خان المعظم الى فتوح ديار العجم وسار حتى وطىء بخيله ورجله هذه البلاد ليستأصل ما فيها من ارباب الزيغ والفساد وانقض صقور الاروام على عصافير الاعجام فتفرقوا من سطوتهم تفرق الاغنام عندما حمل عليها اسودالاجام ففرح منه الشيخ المزبور وزاح غمه وتخلص من ايدي الظلمة عمه وصمما الخروج الى ديار الروم وعزما على السفر فالتحقا بالعسكر المظفر فسارا بهم وعادا معهم الى الروم في ايابهم ولما وصلوا الى آمد توفي عمه فازداد بالوحدة همه وغمه وذلك سنة خمس وخمسين وتسعمائة ولما وصل الى حلب عين له من جانب السلطان كل يوم عشره انصاف فاستقلها الشيخ المزبور فاستجاز للحج وكان في قلبه الذهاب الى الهند لما بينه وسلطانه من معارفة قديمة ومحبة اكيدة فوقف عليه الوزير الكبير رستم باشا فاستماله وطيب قلبه واستصحبه الى قسطنطينية وعين له خمسة عشر درهما ثم زاد في وظيفته فصارت خمسة وثلاثين وحصل له القبول التام عندالخواص والعوام وترادفت عليه العطيات وتكررت الترقيات حتى بلغت وظيفته في وزارة علي باشا الى مائة وكان ذلك سنة احدى وستين وتسعمائة وحج رحمه الله سنة ست وسبعين وتسعمائة وتوفي بقسطنطينية في اوائل جمادي الاولى سنة ثمانين وتسعمائة ودفن بحظيرة الشيخ وفا وقال فيه بعض احبائه شعر فارسي :

جون شيخ ابو سعيدمرحوم

زين دار فنا بآبروشد

ازبس كه وفانمودبا خلق

ميدان وفا ازان اوشد

كان رحمه الله عالما فاضلا مدققا محققا جامعا بين المعقول والمنقول حاويا للفروع والاصول مع كمال الورع والديانة والزهد والصيانة وكان من غاية نزاهته وكمال طهارته لا يلبس لباسا من الثقال والخفاف الا بعدغسله حتى الفرو والخفاف وكان لا يجلس احدا على بساطه وان لم يقصر في ملاطفته وانبساطه ولا يصافحه الا ويغسل يده بعده وكان رحمه الله من الاسخياء الامجاد والكرماء الاجواد يبذل ما يقدر عليه ويفرق على الناس ما يجتمع لديه غير متكلف في

صفحة ٤٢٤